وقال في "التأويلات النجمية" : العمل الصالح متابعة النبي عليه السلام والتأسي بسنته ظاهراً وباطناً فأما سنة باطنه فالتبتل إلى الله وقطع النظر عما سواه (يعني ديده همت ازماسوى بربستن وجز بشهود حضرت مولى نا كشودن) كما قال الله تعالى :﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ (النجم : ١٧).
روى ازهمه برتافتم وسوى توكردم
شم ازهمه بربستم وديدار توديدم
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٠٧
﴿وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّه أَحَدَا﴾ (شريك نيارد وانباز نسازد برستش روردكار خود يكى را).
قال أبو البقاء أي : في عبادة ربه ويجوز أن يكون على بابه أي : بسبب عبادة ربه انتهى.
وفي "الإرشاد" : إشراكاً جلياً كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ولا إشراكاً خفياً كما يفعله أهل الرياء ومن يطلب به أجراً انتهى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما لم يقل ولا يشرك به لأنه أراد العمل الذي يعمله ويحب أن يحمد عليه.
وعن الحسن هذا فيمن أشرك بعمل يريد الله به والناس على ما روى أن جندب بن زهير رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم إني لأعمل العملفإذا اطلع عليه أحد سرني فقال :"إن الله لا يقبل ما شورك فيه" فنزلت تصديقاً له عليه السلام وروي أنه قال له :"لك أجران أجر السر وأجر العلانية" وهذا على
٣٠٩
حسب النية فإذا سره ظهوره ليقتدي به كما هو شأن الكاملين المخلصين المعرضين عما سوى الله أو تنتفي عنه التهمة إذ كان ذلك من الواجبات فله أجران فأما إذا أراد به مجرد مدح الناس وانتشار الصيت والذكر فهو محض الرياء والشرك فيخفى المقتدي احترازاً عن إفساد العمل.
وعن عبد الله بن غالب أنه كان إذا أصبح يقول رزقني الله البارحة خيراً قرأت كذا وصليت كذا فإذا قيل له يا أبا فراس أمثلك يقول مثل هذا يقول قال الله تعالى :﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ (الضحى : ١١) وأنتم تقولون لا تحدث بنعمة الله وإنما يجوز مثله إذا قصد به اللطف وأن يقتدي به غيره وأمن على نفسه الفتنة والستر أولى ولو لم يكن فيه إلا التشبه بأهل الرياء والسمعة لكفى كذا في "الكشاف" في سورة الضحى.
والآية جامعة لخلاصتي العلم والعمل وهما التوحيد والإخلاص في العمل، قال الشيخ سعدي قدس سره :
عبادت باخلاص نيت نكوست
وكرنه ه آيد زبى مغز وست
ه زنار مغ درميانت ه دلق
كه دريوشى ازبهر ندار خلق
بروى ريا خرقه سهلست دوخت
كرش باخدا درتوانى فروخت
قال في "بحر العلوم" إن قلت : ما معنى الرياء؟ قلت العمل لغير الله بدليل قوله عليه السلام "إن أخوف ما أخاف على أمتي الإشراك بالله أما أني لا أقول يعبدون شمساً ولا قمراً ولا شجراً ولا وثناً ولكن أعمالاً لغير الله تعالى".
قال في "الأشباه" : ولا يدخل الرياء في الصوم انتهى هذا إذا لم يجوّع نفسه إظهاراً لأثره في وجهه أو لم يقل ولم يعرض به كما لا يخفى على ما روي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :"من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك ومن صام صوماً يرائي به فقد أشرك" وقرأ ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَآءَ رَبِّهِ﴾ الآية كما في "الحدادي" وقس عليه التصدق والحج وسائر وجوه البر :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٠٧
مرايى هركسى معبود سازد
مرايى را ازان كفتند مشرك
وفي الحديث :"إنما حرم الله لجنة على كل مرائى" ليس البر في حسن اللباس والزي ولكن البر المسكنة والوقار.
كراجامه اكست وسيرت ليد
در دوز خش را نبايد كليد
بنزديك من شب رو راهزن
به ازفاسق ارسا يرهن
وفي الحديث :"إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمل عملهأحداً فليطلب ثواب عمله من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك".
زعمرو اى سر شم اجرت مدار
و درخانه زيد باشى بكار
وفي الحديث :"إن في جهنم وادياً تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم مائة مرة أعد ذلك للمرائين" وفي الحديث :"اتقوا الشرك الأصغر" قيل وما الشرك الأصغر؟ قال :"الرياء"، وفي الحديث "إن أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي فإياكم وشرك السرائر فإن الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء" فشق على الناس فقال عليه السلام :"أفلا أدلكم على ما يذهب
٣١٠
صغير الشرك وكبيره قولوا : اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم" كذا في "عين المعاني".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٠٧