﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ﴾ مني حذف اكتفاء بما سبق ﴿شَيْبًا﴾ شبه الشيب في بياضه وإنارته بشواظ النار وانتشاره في الشعر ومنبته مبالغة وإشعاراً لشمول الشيب جملة الرأس حتى لم يبق من السواد شيء وجعل الشيب تمييزاً إيضاحاً للمقصود والأصل اشتعل شيب رأسي فوزانه بالنسبة إلى الأصل وزان اشتعل بيته ناراً بالنسبة إلى اشتعل النار في بيته، قال الشيخ سعدي :
و شيبت در آمد بروى شباب
شبت روز شد ديده بركن زخواب
من آن روز ازخود بربدم اميد
كه افتادم اندر سياهى سفيد
و دوران عمر از هل در كذشت
مزن دست واكآب ازسر كذشت
دريغاكه بكذشت عمر عزيز
بخواهد كذشت اين دمى ندنيز
﴿وَلَمْ أَكُنا بِدُعَآاـاِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ ولم أكن بدعائي إياك خائباً في وقت من أوقات هذا العمر الطويل بل كلما دعوتك استجبت لي وهذا توسل منه بما سلف من الاستجابة عند كل دعوة أثر تمهيد ما يستدعي الرحمة ويستجلب الرأفة من كبر السن وضعف الحال فإنه تعالى بعدما عوّد عبده بالإجابة دهراً طويلاً لا يخيبه أبداً لا سيما عند اضطرار وشدة افتقار.
ـ روي ـ أن محتاجاً قال لبعضهم : أنا الذي أحسنت إلى وقت كذا فقال : مرحباً بمن توسل بنا إلينا وقضى حاجته ووجهه إن الرد بعد القبول يحبط الإنعام الأول والمنعم لا يسعى فيه وكأنه يقول ما رددتني حين ما كنت قوي القلب والبدن غير متعود بلطفك فلو رددتني الآن بعدما عودتني القبول مع نهاية ضعفي لتضاعف ألم قلبي وهلكته يقال سعد بحاجته إذا ظفر بها وشقي بها إذا خاب كذا في "تفسير الإمام" ثم بين أن ما يريده منتفع به في الدين فقال :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣١٣
﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِىَ مِن وَرَآءِى﴾ أي بعد موتي فلا بد لي من الخلف وهو متعلق بمحذوف ينساق إليه الذهن أي جور الموالي لا بخفت لفساد المعنى والجملة عطف على قوله أني وهن مترتب مضمونه على مضمونها فإن ضعف القوى وكبر السن من مبادى خوفه من يلي أمره بعد موته ومواليه بنوا عمه وكانوا شرار بني إسرائيل فخاف أن لا يحسنوا خلافته في أمته ويبدلوا عليهم دينهم.
قال في "القاموس" المولى المالك والعبد والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنزيل والشريك وابن الأخت والولي والرب والناصر والمنعم والمعم عليه والمحب والتابع والصهر انتهى.
﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِى﴾ هي ايشاع بنت فاقوذ بن فيل وهي أخت حنة بنت فاقوذ.
قال الطبري وحنة هي أم مريم.
وقال القتيبي امرأة زكريا هي ايشاع بنت عمران فعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى على الحقيقة وعلى القول الآخر يكون ابن خالة أمه وفي حديث الإسراء :"فلقيت ابني الخالة يحيى وعيسى" وهذا شاهد للقول الأول قاله الإمام السهيلي في كتاب "التعريف والإعلام" ﴿عَاقِرًا﴾ أي : لا تلد من حين شبابها فإن العاقر من الرجال والنساء من لا يولد له ولد وكان سنها حينئذٍ ثماني وتسعين على ما اختاره الكاشفي ﴿فَهَبْ﴾ (س ببخش)
﴿لِى مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا﴾ ﴿لِى مِن لَّدُنكَ﴾ كلا الجارين متعلق بهب لاختلاف مغييبها فاللام صلة له ومن لابتداء الغاية مجازا ولدن في الاصل بمعنى اول غاية زمان او مكان اوغيرهما من الذوات اي اعظى
٣١٤
من محض فضلك الواسع وقدرتك بطريق الاختراع لا بواسطة الاسباب العادية فاني وامراتي لا نصلح للولادة ﴿وَلِيًّا﴾ ولداً من صلبي يلي أمر الدين بعدي كما قال :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣١٣


الصفحة التالية
Icon