﴿يَرِثُنِى﴾ صفة لوليا أي : يرثني من حيث العلم والدين والنبوة فإن الأنبياء لا يورثون المال كما قال عليه السلام :"نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة".
فإن قلت وقد وصف الولي بالوراثة ولم يستجب له في ذلك فإن يحيى خرج من الدنيا قبل زكريا على ما هو المشهور.
قلت : الأنبياء وإن كانوا مستجابي الدعوة لكنهم ليسوا كذلك في جميع الدعوات حسبما تقتضيه المشيئة الإلهية المبنية على الحكم البالغة ألا يرى إلى دعوة إبراهيم عليه السلام في حق أبيه وإلى دعوة النبي عليه السلام حيث قال :"وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعتها" وقد كان من قضائه تعالى أن يهبه يحيى نبياً مرضياً ولا يرثه فاستجيب دعاؤه في الأول دون الثاني ﴿وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ﴾ بن إسحاق بن إبراهيم الملك يقال ورثه وورث منه لغتان.
وآل الرجل خاصة الذين يؤول إليه أمرهم للقرابة أو الصحبة أو الموافقة في الدين.
وقال الكلبي ومقاتل هو يعقوب بن ماثان أخو عمران بن ماثان من نسل سليمان عليه السلام أبو مريم وكان آل يعقوب أخوال يحيى بن زكريا.
قال الكلبي : كان بنو ماثان رؤوس بني إسرائيل وملوكهم وكان زكريا رئيس الأحبار يومئذٍ فأراد أن يرث ولده حبورته ويرث من بني ماثان ملكهم ﴿وَاجْعَلْهُ﴾ أي : الولد الموهوب ﴿رَبِّ رَضِيًّا﴾ مرضياً عندك قولاً وفعلاً وتوسيط رب بين مفعولي الجعل كتوسيطه بين كان وخبرها فيما سبق لتحريك سلسلة الإجابة بالمبالغة في التضرع ولذلك قيل إذا أراد العبد أن يستجاب له دعاؤه فليدع الله بما يناسبه من أسمائه وصفاته.
واعلم أن الله تعالى لا يمكن العبد من الدعاء إلا لإجابته كلاً أو بعضاً كما وقع لزكريا :
هم زاول تو دهى ميل دعا
تو دهى آخر دعاها را جزا
ترس وعشق توكمند لطف ماست
زيد هر يارب تو لبيكهاست
وفي الحديثك :"من فتح له باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة" وذلك لأن في الدعاء إظهار الذلة والافتقار وليس شيء أحب إلى الله من هذا الإظهار ولذا قال أبو يزيد البسطامي قدس سره : كابدت العبادة ثلاثين سنة فرأيت قائلاً يقول لي : يا أبا يزيد خزائنه مملوءة من العبادات إن أردت الوصول إليه فعليك بالذلة والافتقار ولذا قال عند دخوله عالم الحقيقة :
ار جبز آورده ام شاهاكه دركنج تونيست
نيستي وحاجت وعجز دنياز آورده ام
وعن بعض أهل المعرفة :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣١٣
نعم السلاح الدعاء، ونعم المطية الوفاء، ونعم الشفيع البكاء، كما في "خالصة الحقائق" ثم إن الدعاء إما للدين أو للدنيا والأول مطمح نظر الكمل ألا ترى أن زكريا طلب من الله أن يكون من ذريته من يرث العلم الذي هو خير من ميراث المال لأن نظام العالم في العلم والعمل والصلاح والتقوى والعدل والإنصاف وفيه إشارة إلى أنه لا بد للكامل من مرآة يظهر فيها كمالاته ألا ترى أنلي خلق العوالم وبث فيها أسماءه الحسنى وجعل الإنسان الكامل في كل عصر مجلى أنواره ومظهر أسراره فمن أراد الوصول إلى الله تعالى فليصل إلى الإنسان الكامل فعليك بطلب خير الأول ليحيى به ذكرك إلى يوم التناد ومن الله رب العباد القبض والإمداد والتوفيق
٣١٥
لأسباب الوصول إلى المراد.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣١٣
يا زَكَرِيَّآ} على إرادة القول أي : قال تعالى على لسان الملك يا زكريا كما قال في سورة آل عمران ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَئكَةُ وَهُوَ قَآئِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى﴾ (آل عمران : ٣٩) ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ﴾ (ما بشارت ميدهم ترا) والبشارة بكسر الباء الإخبار بما يظن رسوراً في المخبر ﴿بِغُلَـامٍ اسْمُه يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّه مِن قَبْلُ سَمِيًّا﴾ (همنام) أي : شريكاً له في الاسم حيث لم يسم أحد قبله بيحيى وهو شاهد بأن التسمية بالأسامي الغريبة تنويه للمسمى وإياها كانت العرب تعني لكونها أنبه وأنوه وانزه عن النبز (در زاد المسير فرموده كه وجه فضيلت نه ازان رويست كه يش ازو كسى مسمى بدين اسم نبوده ه بسيار آدمى يدين وجه يافت شودكه يش ازو مسمى نبوده باشد س فضيلت آنست كه حق سبحانه وتعالى بخود تولى تسميه او نموده به در ومادر حواله نكرد) كما أن زينب أم المؤمنين رضي الله عنها زوجها الله بالذات حبيبه عليه السلام حيث قال :(فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها) ولذا كانت تفتخر بهذ على سائر الأزواج المطهرة :(وامام ثعلبي آورده كه ذكر قبل ازان فر مودكه بعد ازو كسرى ظهور خواهد كردكه اورا بند بن اسم خاص اختصاص دهد واسم سامى اورا ازنام همايون فرجام خود مشتق سازد) كما قال حسان رضي الله عنه.
وشق له من اسمه ليجله
فذو العرش محمود وهذا محمد
اى خواجه كه عاقبت كارامتست
محمود ازان شدست كه نامت محمداست