الصراط فالمرور في حكم الورود وفي الحديث :"لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم" وهي قوله تعالى :﴿وَإِن مِّنكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾ والتحلة مصدر حللت اليمين أي : أبررتها وتحلة القسم ما يفعله الحالف مما أقسم عليه مقدار ما يكون باراً في قسمه فهو مثل في القليل المفرط القلة.
وقال مجاهد ورود المؤمن النار هو مس الحمى جسده في الدنيا لقوله عليه السلام :"الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء" وفي الحديث :"الحمى حظ كل مؤمن من النار" وقد جاء "إن حمى ليلة كفارة سنة ومن حم يوماً كان له براءة من النار وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه" وعن جابر رضي الله عنه استأذنت الحمى على رسول الله عليه السلام فقال :"من هذه" قالت أم ملدم فأمر بها عليه السلام إلى أهل قبا فلقوا منها ما لا يعلمه إلا الله فشكوا إليه عليه السلام فقال :"إن شئتم دعوت الله ليكشفها عنكم وإن شئتم تكون لكم طهوراً" قالوا : أويفعل ذلك قال :"نعم" قالوا فدعها قالت عائشة رضي الله عنها قدمنا المدينة وهي أوبى أرض الله ولما حصلت لها الحمى قال لها عليه السلام :"مالي أراك هكذا" قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله هذه الحمى وسبّتها فقال :"لا تسبيها فإنها مأمورة ولكن إن شئت علمتك كلمات إذا قلتهن أذهب الله عنك" قالت : فعلمني قال :"قولي اللهم ارحم جلدي الرقيق وعظمي الدقيق من شدة الحريق يا أم ملدم إن كنت آمنت بالله العظيم فلا تصدعي الرأس ولا تنتني الفم ولا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم وتحولي عني إلى من اتخذ مع الله إلهاً آخر" فقالتها فذهبت عنها كذا في إنسان العيون.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٤٩
﴿وَإِذَا تُتْلَى﴾ (وون خوانده شود) ﴿عَلَيْهِم﴾ أي : على المشركين ﴿ءَايَـاتُنَا﴾ القرآنية ﴿بَيِّنَـاتٍ﴾ واضحات الاعجاز والمعاني وهي حال مؤكدة فإن آيات الله لا ينفك عنها الوضوح ﴿قَالَ﴾ (كويند) ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ كنضر بن الحارث وأصحابه ﴿لِلَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ أي : لفقراء المؤمنين واللام للتبليغ كما في مثل قوله تعالى :﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ﴾ (البقرة : ٢٤٧) أولام الأجل أي : لأجلهم في حقهم ﴿أَىُّ الْفَرِيقَيْنِ﴾ أي : المؤمنين والكافرين كأنهم قالوا أينا ﴿خَيْرٌ﴾ نحن أو أنتم ﴿مَّقَامًا﴾ مكاناً ومسكناً يعني (مارا منازل نزه است وهمه اسباب معيشت) ﴿وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ أي : مجلساً ومجتمعاً.
قال بعض المفسرين الندى المجلس الجامع لوجوه قومهم وأعوانهم وأنصارهم يعنى (در مجمع ما همه صناديد قريش وأشراف عرب اند ودر مجلس او همه موالى وضعفاً).
ـ يروى ـ أنهم كانوا يرجلون شعورهم ويدهنونها ويتطيبون ويتزينون بالزين الفاخرة فإذا سمعوا الآيات الواضحات وعجزوا عن معارضتها والدخل عليها قالوا مفتخرين بالحظوظ الدنيوية على فقراء المؤمنين لو كنتم على الحق وكنا على الباطل لكان حالكم في الدنيا أحسن لأن الحكيم لا يليق به أن يوقع أولياءه في العذاب والذل وأعداءه في العز والراحة لكن الأمر بالعكس وقصدهم بهذا الكلام صرفهم عن دينهم فرد الله عليهم بقوله :
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ﴾ كم فعول أهلكنا ومن قرن بيان لإبهامها وأهل كل عصر قرن لمن بعدهم لأنهم يتقدمونهم مأخوذ من قرن الدابة وهو مقدمها.
وقال الكاشفي :(من قرن : كروهى را مجتمع بودند در زمان واحد) انتهى كأنه أخذه من الاقتران ﴿هُمْ أَحْسَنُ﴾ في محل النصب على أنه صفة لكم ﴿أَثَـاثًا﴾ تمييز عن النسبة وهو متاع البيت يعني (نيكوثر ازجهت امتعه بيت كه آرايش منازل بدان باشد) هو المنظر والهيئة
٣٥١
فعل من الرؤية لما يرى كالطحن لما يطحن والمعنى كثيراً من القرون التي كانوا أفضل منهم فيما يفتخرون به من الحظوظ الدنيوية كعاد وثمود وأضرابهم من الأمم العاتية قبل هؤلاء أي : كفار قريش أهلكناهم بفنون العذاب لو كان ما آتيناهم لكرامتهم علينا لما فعلنا بهم ما فعلنا.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٤٩
وفيه من التهديد والوعيد ما لا يخفى كأنه قيل فلينظر هؤلاء أيضاً مثل ذلك.
قال الكاشفي :(نه آن مال هلاك از ايشان دفع كرد ونه آن جمال عذاب از ايشان باز داشت) :
برمال وجمال خويشتن تكيه مكن
كانرا بشبى برند وآنرا بتبى