ـ ذكر ـ أن صياداً كان يصيد السمكة وكانت ابنته تطرحها في الماء وتقول إنها ما وقعت في الشبكة إلا لغفلتها.
وفي الحديث "لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله" أكده بالتكرار ولا شك أن لا يذكر الله ذكراً حقيقياً وخصوصاً بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء إلا الذي يعرف الحق المعرفة التامة وأتم الخلق معرفة بالله في كل عصر خليفة الله وهو كامل العصر فكأنه يقول عليه السلام : لا تقوم الساعة وفي الأرض إنسان كامل وهو المشار إليه بأنه العماد المعنوي الماسك فإن شئت قلت الممسك لأجله فإذا انتقل انشق السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم وانتثرت وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة كذا في "الفكوك" لحضرة الشيخ صدر الدين قدس سره ﴿لَهُ الاسْمَآءُ الْحُسْنَى﴾
٣٦٧
بيان لكون ما ذكر من الخالقية والرحمانية والمالكية والعالمية أسماءه وصفاته من غير تعدد في ذاته تعالى فإنه روى أن المشركين حين سمعوا النبي عليه السلام يقول يا الله يا رحمن قالوا : ينهانا أن نعبد إلهين وقد يدعو إلهاً آخر.
والحسنى تأنيث الأحسن يوصف به الواحدة المؤنثة والجمع من المذكر والمؤنث كمآرب أخرى وآياتنا الكبرى وفضل أسماء الله في الحسن على سائر الأسماء لدلالتها على معاني التقديس والتمجيد والتعظيم والربوبية والأفعال التي هي النهاية في الفضل والحسن.
قال في "تفسير الكبير" : يقال إنأربعة آلاف اسم ثلاثة آلاف منها لا يعلمها إلا الله والأنبياء أما الألف الرابعة فإن المؤمنين يعلمونها فثلاثمائة في التوراة وثلاثمائة في الإنجيل وثلاثمائة في الزبور ومائة في القرآن تسعة وتسعون ظاهرة وواحد مكنون من أحصاها دخل الجنة وليس حسن الأسماء لذواتها لأنها ألفاظ وأصوات بل حسنها لحسن معانيها ثم ليس حسن المسمى حسناً ينطلق بالصورة والخلقة فإن ذلك محال على من ليس بجسم بل حسن يرجع إلى معنى الإحسان مثلاً اسم الستار والغفار والرحيم إنما كانت حسنى لأنها دالة على معنى الإحسان.
ـ روي ـ أن حكيماً ذهب إليه قبيح وحسن والتمسا الوصية فقال للحسن : أنت حسن ولا يليق بك الفعل القبيح وللقبيح أنت قبيح إذا فعلت القبيح عظم قبحك الهنا أسماؤك حسنة وصفاتك حسنة فلا تظهر لنا من تلك الأسماء الحسنة والصفات الحسنة إلا الإحسان ويكفينا قبح أفعالنا وسيرتنا فلا تضم إليه قبح العقاب ووحشة العذاب.
وفي الحديث :"اطلبوا الحوايج عند حسان الوجوه" وذلك لأنهم إذا قضوا الحاجات قضوا بوجه طلق وإن ردوا ردوا بوجه طلق :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦١
كشته از لطف حق بعرصه خاك
حسن صورت دليل سيرت اك
وقال بعضهم :
يدل على معروفه حسن وجهه
وما زال حسن الوجه إحدى الشواهد
وفي الحديث "إذا بعثتم إليّ رجلاً فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم" الهنا حسن وجوهنا قبيح بعصياننا فمن هذا الوجه نستحي طلب الحوائج وحسن الأسماء والصفات يدلنا عليك فلا تردنا عن إحسانك خائبين خاسرين.
قال موسى : إلهي أي : خلق أكرم عليك قال الذي لا يزال لسانك رطباً من ذكري قال فأي خلقك أعلم؟ قال : الذي يلتمس إني أعلم علم غيره قال فأي خلقك أعدل؟ قال : الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس قال فأي خلقك أعظم جرماً قال الذي يتهمني وهو الذي يسألني ثم لا يرضى بما قضيته له إلهنا لانتهمك فإنا نعلم أن كل ما أحسنت فهو فضل وكل ما لا تفعله فهو عدل فلا تؤاخذنا بسوء أعمالنا، قال الحافظ :
در دائره قسمت ما نقطه تسليميم
لطف آنه توانديشى حكم انجه توفر مايى
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦١
﴿وَهَلْ أَتَـاـاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾ يحتمل أن يكون أول ما أخبر الله به من أمر موسى فإن السورة من أوائل ما نزل فيكون الاستفهام للإنكار أي : لم يأتك إلى الآن خبر موسى وقصته وقد أتاك الآن بطريق الوحي فتنبه له واذكر لقومك ما فيه من أمر التوحيد ونحوه ويحتمل أنه قد أتاه ذلك سابقاً فيكون استفهام تقرير فكأنه قال قد أتاك.
﴿إِذْ رَءَا نَارًا﴾ ظرف
٣٦٨
للحديث.


الصفحة التالية
Icon