أو ليتشرف مشهد الوادي بقدوم قدميه وتتصل بركة الأرض إليه.
وقيل للحبيب تقدم على بساط العرش بنعليك ليتشرف العرش بغبار نعال قدميك ويصل نور العرش يا سيد الكونين إليك أو لأنه لا ينبغي لبس النعل بين يدي الملوك إذا دخلوا عليهم وهذا بالنسبة إلى المرتبة الموسوية دون الجاه المحمدي كما مر آنفاً.
وذكر في فضائل أبي حنيفة أنه كان إذا قدم على الخليفة للزيارة استدعى منه الخليفة أن لا ينزل عن بغلته بل يطأ بها بساطه.
أو لأنهما كانا غير مدبوغين من جلد الحمار فالخطاب خطاب التأديب كما في "حل الرموز".
قال الكاشفي :(أصح آنست كه نعلين از جلد بقربود وطاهر) أو لأن النعل في النوم يعبر بالزوجة فأراد تعالى أن لا يلتفت بخاطره إلى الزوجة والولد.
قال في "الأسرار المحمدية" جاء في غرائب التفسير في قوله سبحانه ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ يعني همك بامرأتك وغنمك.
وقال حضرة الشيخ الشهير بافتاده قدس سره يعني الطبيعة والنفس.
يقول الفقير : لا شك أن المرأة صورة الطبيعة والولد صورة النفس لأن حبه من هواها غالباً وأيضاً أن المرأة في حكم الرجل نفسه لأنها جزؤ منه في الأصل والغنم ونجوه إنما هو من المعاش التابع للوجود فكأنه قيل فاخلع فكر النفس وما يتبعها أياً كان وتعال.
وقال بعضهم :"المراد بالنعلين الدنيا والآخرة كأنه أمره بالاستغراق في معرفة الله ومشاهدته والوادي المقدس قدس جلال الله وطهارة عزته".
وقال بعضهم إن إثبات الصانع يكون بمقدمتين فشبهتا بالنعلين إذ بهما يتوصل إلى المقصود وينتقل إلى معرفة الخالق فبعد الوصول يجب أن لا يلتفت إليهما ليبقى القلب مستغرقاً في نور القدس فكأنه قيل فاخلع فكر الدليل والبرهان فإنه لا فائدة فيه بعد المشاهدة والعيان :
ساكنان حرم از قبله نما آزادن
وفي "المثنوي" :
ون شدى ربامهاى آسمان
سرد باشد جست وجوى نردبان
٣٧٠
آينه روشن كه شد صاف وجلى
جهل باشد برنهادن صيقلى
يش سلطان خوش نشستهدر قبول
زشت باشد جستن نامه رسول
ولهذا غسل حضرة الشيخ الشبلي قدس سره جميع كتبه بعد الوصول إلى الله تعالى فتدبر ﴿إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ﴾ المطهر والمتبعد من السوء ﴿طُوًى﴾ اسم الوادي عطف بيان له.
قال في "القاموس" الوادي مفرج بين جبال أو تلال أو آكام وطوى واد بالشام وهو بالتنوين منصرف بتأويل المكان وبتركه غير منصرف بتأويل البقعة المعروفة.
ـ روي ـ أن موسى عليه السلام خلعهما وألقاهما وراء الوادي.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦٨
﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ أي : اصطفيتك للنبوة والرسالة وقرأ حمزة "وأنا اخترناك" ﴿فَاسْتَمِعْ﴾ (س كوش فرا دار) ﴿لِمَا يُوحَى﴾ للذي يوحى إليك مني من الأمر والنهي اللام متعلقة بالسمع مزيدة في المفعول كما في ردف لكم.
﴿إِنَّنِى أَنَا اللَّهُ﴾ (بدرستى كه منم خداى تعالى) وهو بدل من يوص دال على تقدم علم الأصول على الفروع فإن التوحيد من مسائل الأصول والعبادة الآتية من الفروع ﴿لا إله إِلا أَنَا﴾ (نيست خداى بغير من) فإذا كان كذلك ﴿فَاعْبُدْنِى﴾ فخصني بالعبادة والتوحيد ولا تشرك بعبادتي أحداً ﴿وَأَقِمِ الصَّلَواةَ﴾ من عطف الخاص على العام لفضله ﴿لِذِكْرِى﴾ من إضافة المصدر إلى مفعوله أي : لتذكرني وتكون ذاكراً لي فإن ذكر الله كما ينبغي عبارة عن الاشتغال بعبادته باللسان والجنان والأركان والصلاة جامعة لها أو من إضافته إلى فاعله أي لأذكرك بالإثابة.
وفي "التأويلات النجمية" : وأدم المناجات والمحاضرة معي ببذل الوجود لنيل ذكرى إياك بالتجلي على الدوام لإفناء وجودك المتجدد.
﴿إِنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ﴾ تعليل لوجوب العبادة وإقامة الصلاة.
والساعة اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمي بها لأنها ساعة حقيقة يحدث فيها أمر عظيم أي : القيامة كائنة لا حالة وإنما عبر عن ذلك بالإتيان تحقيقاً لحصولها بإبرازها في معرض أمر محقق متوجه نحو المخاطبين ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾.
قال في "تفسير الجلالين" : استرها للتهويل والتعظيم وأكاد صلة انتهى.
وقال بعضهم : كاد وإن كان موضوعاً للمقاربة إلا أنه من الله للتحقق والوجوب فالمعنى أريد إخفاء وقتها عن الخلق ليكونوا على الحذر منها كل وقت كما أن عسى في قوله تعالى :﴿قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾ (الإسراء : ٥١) للقطع بقربه أي : هو قريب.
وفي "الإرشاد" لا أظهرها بأن أقول هي آتية ولولا ما في الاخبار بذلك من اللطف وقطع الاعذار لما فعلت.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٧١