ومنها : الرقية وهو الافسون معرب "آب سون" وهو النفث في الماء وسمي به لأنهم ينفئون في الماء ثم يشربونه أو يصبون عليه وإنما سميت رقية لأنها كلمات رقيت من صدر الراقي فبعضها فهلويه وبعضها قبطية وبعضها بلا معنى يزعمون أنها مسموعة من الجن أو في المنام.
ومنها : الخلقطيرات وهي خطوط عقدت عليها حروف وأشكال أي : حلق ودوائر يزعمون أن لها تأثيرات الخاصية.
ومنها : الشعبذة ويقال لها الشعوذة معرب "شعياذة" اسم رجل ينسب إليه هذا العلم وهي خيالات مبنية على خفة اليد وأخذ البصر في تقليب الأشياء كالمشي على الإرسال واللعب بالمهارق والحقات وغير ذلك والمذهب أن التأثير الحاصل عقيب الكل هو فعل الله تعالى على وفق إجراء عادته ووجه الحكمة فيه لا يعلمه إلا هو سبحانه.
قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر في "الفتوحات المكية" : إن التأثير الحاصل من الحروف وأسماء الله تعالى من جنس الكرامات أي : إظهار الخواص بالكرامة فإن كل أحد لا يقدر على الاستخراج خواص الأشياء.
﴿فَأُلْقِىَ السَّحَرَةُ﴾ الفاء فصيحة أي : فإلقاه فوقع ما وقع
٤٠٤
من اللقف فألقى السحرة حال كونهم ﴿سُجَّدًا﴾ ساجدين كأنما ألقاهم ملقي لشدة خرورهم وبالفارسية (حضرت موسى عصا بيفكند في الحال ازدهايى شد ودهن خود كشاده تمام ادوات جادواثرا فروبرد ومردم ازترس روى بكريز آوردند وموسى اورا بكرفت همان عصا شد جادوان دانستندكه آن سحر نيست زيراكه سحر سحر ديكررا باطل نكند بلكه قدرت خدا ومعجزه موسى است س درافكنده شدند يعنى تأمل اين معنى ايشانرا درروى افكند درحلتى كهسجده كندكان بودند مردايرا ازروى صدق) وإنما عبر عن الخرور بالالقاء ليشاكل تلك الالقاآت.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٠٢
ـ روي ـ أن رئيسهم قال : كنا نغلب الناس وكانت الآلات تبقى علينا فلو كان هذا سحراً فأين ما ألقيناه من الآلات فاستدل بتغير أحوال الأجسام على الصانع العالم القادر وبظهور ذلك على يد موسى على صحة رسالته فتابوا وأتوا بنهاية الخضوع وهو السجود قال جار الله : ما أعجب أمرهم القوا حبالهم للكفر والجحود ثم ألقوا رؤوسهم للشكر والسجود فما أعظم الفرق بين الإلقاءين ﴿قَالُوا﴾ في سجودهم وهو استئناف بياني ﴿ءَامَنَّا بِرَبِّ هَـارُونَ وَمُوسَى﴾ تأخير موسى عند حكاية كلامهم لرعاية الفواصل ولأن فرعون ربى موسى في صغره فلو اقتصر على موسى أو قدم ذكره فربما توهم أن المراد فرعون وذكر هارون على الاستتباع ومعنى إضافة الرب إليهما أنه هو الذي يدعوان إليه وأجرى على يديهما ما أجرى.
قال بعض الكبار : من كان له استعداد النظر إلى عالم الغيب وباشر حظوظ النفس احتجب عنه فإنه انقطع إلى الله نظر الله إلى قلبه بنعت الإخلاص واليقين وكشف الله له أنوار حضرته وجذبه إلى قربه فالسحرة مجذوبون مهتدون بالله إلى الله مؤمنون بالبرهان لا بالتقليد وأن فرعون ما رأى برهان الربوبية فلم يؤمن.
﴿قَالَ﴾ فرعون للسحرة بطريق التوبيخ ﴿لَه قَبْلَ﴾ أي : لموسى واللام لتضمين الفعل معنى الاتباع واللام مع الإيمان في كتاب الله لغيره.
وفي "بحر العلوم" : له أي : لربهما على أن اللام بمعنى الباء والدليل القاطع عليه قوله :﴿قَالَ﴾ أي : فرعون ﴿ءَامَنتُم بِه قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ﴾ (الأعراف : ١٢٣) في سورة الأعراف وآمنتم بالمد على الاخبار أي : فعلتم هذا الفعل توبيخاً لهم ﴿قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ﴾ أي : من غير أن آذن لكم في الإيمان له وأمركم به كما في قوله تعالى :﴿لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـاتُ رَبِّى﴾ (الكهف : ١٠٩) لا أن الإذن لهم في ذلك واقع بعده أو متوقع والإذن في الشيء إعلام بإجازته واذنته بكذا وآذنته بمعنى ﴿إِنَّهُ﴾ يعني موسى ﴿لَكَبِيرُكُمُ﴾ أي : في فنكم وأعلمكم به وأستاذكم ﴿الَّذِى عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ فتواطأتم على ما فعلتم.
قال الكاشفي :(يعني استاد ومعلم ومهتر جادوانست شماباهم خواهيدكه ملك برابر ادازند) وأراد التلبيس على قومه لئلا يتبعوا السحرة في الإيمان لأنه عالم أن موسى ما علمهم السحر يعني أن هذه شبهة زورها اللعين وألقاها على قومه وأراهم أن أمر الإيمان منوط بإذنه فلما كان إيمانهم بغير إذنه لم يكن معتداً به وأنهم من تلامذته عليه السلام فلا عبرة بما أظهره كا لا عبرة بما أظهروه وذلك لما اعتراه من الخوف من اقتداء الناس بالسحرة في الإيمان بالله ثم أقبل عليهم بالوعيد المؤكد حيث قال :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٠٢
﴿فَلاقَطِّعَنَّ﴾ أي : فوالله لأقطعن وصيغة التفعيل للتكثير وكذا في الفعل الآتي والقطع فصل شيء مدركاً بالبصر كالأجسام أو مدركاً بالبصيرة كالأشياء المعقولة
٤٠٥


الصفحة التالية
Icon