﴿وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يا مُوسَى﴾ مبتدأ وخبر أي : وقلنا لموسى عند ابتداء موافاته الميقات بموجب المواعدة المذكورة أي : شيء حملك على العجلة وأوجب سبقتك منفرداً عن قومك وهم النقباء السبعون المختارون للخروج معه إلى الطور وذلك أنه سبقهم شوقاً إلى ميعاد الله وأمرهم أن يتبعوه كما في "الجلالين".
قال في "العرائس" : ضاق صدر موسى من معاشرة الخلق وتذكر أيام وصال الحق فعلة العجلة الشوق إلى لقاء الله تعالى.
قال الكاشفي :(آورده اندكه بني إسرائيل بعد ازهلاك فرعون از موسى عليه السلام استدعا نمودندكه از براى ما قواعد شريعتي وأحكام آن مبين ساز موسى در آن باب باحضرت رب الأرباب مناجات كرد خطاب رسيدكه باجمعى از اشراف بني إسرائيل بكوه طور آى تا كتابى كه جامع احكام شرع باشد بتودهم موسى هارون بجاى خود بكذاشت وباوجوه قوم كه هفتادتن بودند متوجه طور شدند قوم را وعده كردكه هل روز ديكرمى آيم وكتاب مى آورم وون بنزديك طور رسيدند قوم را بكذاشت واز غايت اشتياق كه بكلام وبيام الهي داشت زود تربالاى كوه برآمد خطاب ربانى رسيدكه ﴿وَمَآ أَعْجَلَكَ﴾ الخ وجه يز شتابان ساخت تراتا تعجيل كردى ويش آمدى ازكروه خود اى موسى).
يقول الفقير : هذا سؤال انبساط كقوله تعالى :﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ﴾ لا سؤال إنكار كما ظن أكثر المفسرين من الاجلاء
٤١٢
وغيرهم.
﴿قَالَ هُمْ أُوْلاءِ عَلَى أَثَرِى﴾ يجيئون بعدى، بالفارسية :(كفت موسى كه ايشان كروه مردان اينك مى آيند برى من وساعت بساعت برسند) ﴿وَعَجِلْتُ﴾ بسبقى إياهم ﴿إِلَيْكَ﴾ (بسوى تو) ﴿رَبِّ﴾ (اي رورردكار من) ﴿لِتَرْضَى﴾ عنى بمسارعتي إلى الامتثال بأمرك واعتنائي بالوفاء بعهدك.
وفي الآيتين إشارة إلى معاني مختلفة :
منها ليعلم أن السائر لا ينبغي أن يتوانى في السير إلى الله ويرى أن رضى الله في استعجاله في السير والعجلة ممدوحة في الدين قال تعالى :﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ (آل عمران : ١٣٣) والأصل الطلب، وفي "المثنوي" :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٢
كركران وكر شتابنده بود
آنكه جوينده است يابنده بوددر طلب زن دائماً توهر دودست
كه طلب درراه نيكور هبراست
وقد ورد "إن الأمور مرهونة بأوقاتها" ولذا قال :
و صبح وصل او خواهد دميدن عاقبت جامى
مخور غم كرشب هجران بايان ديرمى آيد
ومنها : ينبغي أن السائر لا يتعوق بعائق في السير وإن كان في الله ولله كما كان حال موسى في السير إلى الله فما تعوق بقومه واستعجل في السير وبطلت العوائق وقد صح أن المجنون العامري ترك الناقة في طريق ليلى لكونها عائقة عن سرعة السير إلى جنابها فمشى على الوجه كما قال في "المثنوي" :
راه نزديك وبماندم سخت دير
سير كشتم زين سوارى سير سيرسر نكون خود را زاشتر در فكند
كفت سوزيدم زغم تاند ند
تنك شد بروى يابان فراخ
خويشتن افكند اندر سنكلاخ
ون نان افكند خودرا سوى ست
از قضا آن لحظه ايش هم شكست
اى را بربست وكفتا كوشوم
درخم و كان غلطان مى روم
عشق مولى كى كم ازليلى بود
كوى كشتن بهر او اولى بود
كوى شو مى كرد برهلوى صدق
غلط غلطان درخم وكان عشق
ومنها : أن قصد السائر إلى الله تعالى ونيته ينبغي أن يكون خالصاًوطلبه لا لغيره كما قال :﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ﴾ كان قصده إلى الله، قال الكمال الخجندي :
سالك اك رونخوا نندش
آنكه از ما سوى منزه نيست
ومنها : أن يكون مطلوب السائر من الله رضاه لا رضى نفسه منه كما قال :﴿لِتَرْضَى﴾ كما في "التأويلات النجمية" :
﴿قَالَ﴾ الله تعالى وهو استئناف بياني :﴿فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنا بَعْدِكَ﴾ القيناهم في فتنة من بعد خروجك من بينهم وابتليناهم في إيمانهم بخلق العجل وهم الذين خلفهم مع هارون على ساحل البحر وكانوا ستمائة ألف ما نجا منهم من عبادة العجل إلا اثنا عشر ألفاً قال الله تعالى لموسى : أتدري من أين أتيت : قال : لا يا رب قال : حين قلت لهارون اخلفني في قومي أين كنت أنا حين اعتمدت على هارون.
وفيه إشارة إلى أن طريق الأنبياء ومتبعيهم محفوف بالفتنة والبلاء كما قال عليه السلام :"إن البلاء موكل بالأنبياء الأمثل فالأمثل" وقد قيل : إن البلاء للولاء كاللهب للذهب وإلى أن فتنة الأمة والمريد مقرونة بمفارقة الصحبة من النبي والشيخ
٤١٣
كما قال تعالى :﴿فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنا بَعْدِكَ﴾ أي : بعد مفارقتك إياهم فإن المسافر إذا انقطع عن صحبة الرفقة افتتن بقطاع الطريق والغيلان، قال الحافظ :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٢
قطع اين مرحله بى همر هى خضر مكن
ظلماتست بترس از خطر كمراهى


الصفحة التالية
Icon