ـ روي ـ أنهم أقاموا على ما وصى به موسى عشرين ليلة بعد ذهابه فحسبوها مع أيامها أربعين وقالوا : قد أكملنا العدة وليس من موسى عين ولا أثر ﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِىُّ﴾ حيث كان هو المدبر في الفتنة والداعي إلى عبادة العجل.
قال في "الأسئلة المقحمة" : أضاف الإضلال إلى السامري لأنه كان حصل بتقريره ودعوته وأضاف الفتنة إلى نفسه لحصولها بفعله وقدرته وإرادته وخلقه وعلى هذا ابدا إضافة الأشياء إلى أسبابها ومسبباتها انتهى.
وإخباره تعالى بوقوع هذه الفتنة عند قدومه عليه السلام إما باعتبار تحققها في علمه ومشيئته تعالى وإما بطريق التعبير عن المتوقع بالواقع أو لأن السامري قد عزم على إيقاع الفتنة على ذهاب موسى وتصدي لترتيب مباديها فكانت الفتنة واقعة عند الإخبار.
والسامري رجل من عظماء بني إسرائيل منسوب إلى قبيلة السامرة منهم أو علج من أهل كرمان من قوم يعبدون البقر وحين دخل ديار بني إسرائيل أسلم معهم وفي قلبه حب عبادة البقر فابتلى الله بني إسرائيل فكشف له عن بصره فرأى أثر فرس الحياة لجبريل ويقال له حيزوم وأخذ من ترابه وألقاه بوحي الشيطان في الحلى المذابة كما يجيىء.
قال الكاشفي :(أصح آنست كه او از ارسائيليانست ودر وقتى كه فرعون ابناى ايشانرا مى كشت او متولد شده ومادر بعد ازتولد اورا بكنارنيل در جزيره بيفكند وحق سبحانه جبرائيل را امر فرمود تا اورا رورش دهد ومأكول ومشروب وى مهيا كرداند محافظت نموده ازين وقت كه موسى بطور رفت سامري نزد هارون آمده كفت قدرى بيرايه كه از قبطيان عاريت كرفته ايم باماست ومارا در آن تصرف كردن روانيست ومى بينم كه بني إسرائيل آنرا مى خرند ومى فروشند حكم فرماى تاهمه جمع كنند وبسوزند هارون امر فرمودكه تمام يرايه ها آوردند ودر حفره ريختند ودرآن آتش زنند وسامرى زركرى الاك بودهمين كه ان زر بكداخت وى قالبى ساخته بود وآن زر كداخته دراه ريخته وشكل كوساله بيرون آورد وقدرى ازخاك زيرسم جبريل كه فرس الحياة مى كفتند در درون وى ريخت في الحال زنده كشت وكوشت وبوست برويداشت وبآواز در آمد وكويند زنده نشد ليك بآن وضع ريخته بود بانكى كردكه هاردانك قوم بني إسرائيل ويراسجده كردند حق تعالى موسى را خبر دادكه قوم توبعد از خروج توكوساله رست شدند)
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٢
﴿فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ﴾ أي : بعدما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذي الحجة وأخذ الألواح المكتوب فيها التوراة وكانت ألف سورة كل سورة ألف آية يحمل أسفارها سبعون جملاً ﴿غَضْبَـانَ﴾ (خشمناك بريشان) ﴿أَسِفًا﴾ (اندوهكين از عمل ايشان) أي : شديد الحزن على ما فعلوا أو شديد الغضب ومنه قوله عليه السلام في موت الفجأة "رحمة للمؤمنين وأخذة أسيف للكافرين".
قال الإمام الراغب الأسف الحزن والغضب معاً وقد يقال لكل منهنما على الانفراد.
قال الكاشفي :(ون بميان قوم رسيد بانك
٤١٤
وخروش ايشان شنيدكه كردا كرد كوساله دف ميزدند ورقص ميكردند بعتاب آغاز كرد ازروى ملامت) ﴿قَالَ يا قَوْمِ﴾ (اى كروه من) ﴿أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾ بأن يعطيكم التوراة فيها ما فيها من النور والهدى أي : وعدكم وعداً صادقاً بحيث لا سبيل لكم إلى إنكاره.
قال في "بحر العلوم" ﴿وَعْدًا حَسَنًا﴾ أي : متناهياً في الحسن فإنه تعالى وعدهم أن يعطيهم التوراة التي فيها هدى ونور ولا وعد أحسن من ذلك وأجمل.
وفيه إشارة إلى أن الله تعالى إذا وعد قوماً لا بد له من الوفاء بالوعد فيحتمل أن يكون ذلك الوفاء فتنة للقوم وبلاء لهم كما كان لقوم موسى إذ وعدهم الله بإيتاء التوراة ومكالمته موسى وقومه السبعين المختارين فلما وفى به تولدت لهم الفتنة والبلاء من وفائه وهي الضلال وعبادة العجل ولكن الوعد لما كان موصوفاً بالحسن كان البلاء الحاصل من الوعد الحسن بلاء حسناً وكان عاقبة أمرهم التوبة والنجاة ورفعة الدرجات ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ﴾ الفاء للعطف على مقدر والهمزة لإنكار المعطوف ونفيه فقط أي : أو وعدكم ذلك فطال زمان الإنجاز فأخطأتم بسببه.
وفي "الجلالين" مدة مفارقتي إياكم يقال طال عهدي بك أي : طال زماني بسبب مفارقتك ﴿أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ﴾ يجب كما سبق ﴿عَلَيْكُمْ غَضَبٌ﴾ عذاب عظيم وانتقام شديد كائن ﴿مِّن رَّبِّكُمْ﴾ من مالك أمركم على الإطلاق بسبب عبادة ما هو مثل في الغباوة والبلادة ﴿فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِى﴾ أي : وعدكم إياي بالثبات على ما أمرتكم به إلى أن أرجع من الميقات على إضافة المصدر إلى مفعوله والفاء لترتيب ما بعدها على كل واحد من شقى الترديد على سبيل البدل كأنه قيل أنسيتم الوعد بطول العهد فاختلفتموه خطأ أم أردتم حلول الغضب عليكم فأخلفتموه عمداً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٤


الصفحة التالية
Icon