﴿قَالُوا مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ﴾ أي : وعدنا إياك الثبات على ما أمرتنا به ﴿بِمَلْكِنَا﴾ أي : بقدرتنا واختيارنا لكن غلبنا من كيد السامري وتسويله وذلك أن المرء إذا وقع في البلية والفتنة لم يملك نفسه ويكون مغلوباً والملك القدرة ﴿وَلَـاكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ﴾ جمع وزر بالكسر بمعنى الحمل الثقيل أي : أحمالاً من حلي القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس ﴿فَقَذَفْنَـاهَا﴾ أي : طرحنا الحلي في النار رجاء للخلاص من ذنبها ﴿فَكَذَالِكَ﴾ أي : مثل ذلك القذف ﴿أَلْقَى السَّامِرِىُّ﴾ أي : ما معه من الحلي وقد كان أراهم أنه أيضاً يلقى ما كان معه من الحلي فقالوا ما قالوا على زعمهم وإنما كان الذي ألقاه التربة التي أخذها من أثر فرس الحياة وكان لا يخالط شيئاً إلا غيره وهو من الكرامة التي خصها الله بروح القدس.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٤
﴿فَأَخْرَجَ﴾ أي : السامري بسبب ذلك التراب ﴿لَهُمُ﴾ أي : للقائلين ﴿عِجْلا﴾ من تلك الحلي المذابة وهو ولد البقرة ﴿جَسَدًا﴾ بدل منه أو جثة ذا دم ولحم أو جسداً من ذهب لا روح له ولا امتناع في ظهور الخارق على يد الضال ﴿لَّه خُوَارٌ﴾ نعت له يقال خار العجل خواراً إذا صاح أي : صوت عجله فسجدوا له ﴿فَقَالُوا﴾ أي : السامري ومن افتتن به أول ما رأى ﴿هَـاذِهِ﴾ العجل ﴿إِلَـاهُكُمْ وَإِلَـاهُ مُوسَى فَنَسِىَ﴾ أي : غفل عنه وذهب يطلبه في الطور وهذا حكاية نتيجة فتنة السامري فعلاً وقولاً من جهته تعالى قصداً إلى زيادة تقريرها ثم ترتيب الإنكار عليها لا من جهة القائلين وإلا لقيل فأخرج لنا ولا شك أن الله خلقه ابتلاء لعباده ليظهر الثابت
٤١٥
من الزائغ وأعجب من خلق الله العجل خلقه إبليس محنة لهم ولغيرهم.
﴿أَفَلا يَرَوْنَ﴾ الفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي : ألا يتفكرون فلا يعلمون ﴿أَنْ﴾ مخففة من الثقيلة أي : أنه ﴿لا يَرْجِعُونَ﴾ (بازنمى كرداند كوساله) ﴿إِلَيْهِمْ﴾ (بسوى ايشان) ﴿قَوْلا﴾ كلاماً ولا يرد عليهم جواباً، يعني :(هر ند اورا مى خوانند جواب نمى دهد) فكيف يتوهمون أنه آله فقوله يرجع من الرجع المتعدي بمعنى الإعادة لا من الرجوع اللازم بمعنى العود ﴿وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا﴾ أي : لا يقدر على أن يدفع عنهم ضرراً أو يجلب لهم نفعاً.
قال في "التأويلات النجمية" : فيه إشارة إلى أن الله تعالى إذا أراد أن يقضي قضاء سلب ذوي العقول عقولهم وأعمى أبصارهم بعد أن رأوا الآيات وشاهدوا المعجزات كأنهم لم يروا شيئاً فيها فلهذا قال :﴿أَفَلا يَرَوْنَ﴾ يعني العجل وعجزه ﴿أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا﴾ أي : شيئاً من القول ﴿وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا﴾ انتهى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٥
وفي الآيات إشارت :
منها : أن الغضب في الله من لوازم نشأة الإنسان الكامل لأنه مرآة الحضرة الإلهية وهي مشتملة على الغضب ورد عن النبي عليه السلام أنه كان لا يغضب لنفسه وإذا غضبلم يقم لغضبه شيء فمن العباد من يغضب الحق لغضبه ويرضى لرضاه بل من نفس غضبه غضب الحق وعين رضاه هو رضى الحق فمطلق غضبهم في الحقيقة عبارة عن تعين غضب الحق فيهم من كونهم مجاليه ومجالي أسمائه وصفاته لا كغضب الجمهور.
قال أبو عبد الله الرضي : إن الله لا يأسف كأسفنا ولكن له أولياء يأسفون ويرضون فجعل رضاهم رضاه وغضبهم غضبه قال : وعلى ذلك قال :"من أهان لي ولياً فقد بارزني في المحاربة".
فعلى العاقل أن يتبع طريق الأنبياء والأولياء ويغضب للحق إذا رأى منكراً :
كرت نهى منكر بر آيد زدست
نشايد وبى دست وايان نشست
و دست وزبانرا نماند مجال
بهمت نمايند مردى رجال
ومنها : أي من أسباب غضب الله تعالى الخلق بالوعد ونقض العهد فلا بد لطالب الرحمة من الاستقامة والثبات :
ازدم صبح ازل تا آخر شام آبد
دوستى ومهر بريك عهد ويك ميثاق بود
(وفي "وصايا الفتوحات" حق تعالى بموسى عليه السلام وحى كرد هركه باميد توآيد اورا بى بهره مكذار وهكره زينهار خواست اورا زنيهارده.
موسى درسياحت بودنا كاه كبوترى بر كتف او نشست وبازى در عقب او مى آمد وقصد آن كبوتر داشت بر كتف ديكر فرو آمد آن كبوتر درآستين موسى در آمد وزينهار مى خواست وباز بزبان فصيح بموسى آواز دادكه اى سر عمران مرا بى بهره مكذار وميان من ورزق من جدايى ميفكن موسى كفت ه زود مبتلا شدم ودست كردتا ازران خود اره قطع كند براى طعمه بازتا حفظ عهد كرده باشد وبكار هر دو وفانموده كفتند يا ابن عمران تعجيل مكن كه مارسولانيم وغرض آن بودكه صحت عهد تو آزمابش كنيم) :
أيا سامعاً ليس السماع بنافع
إذا أنت لم تفعل فما أنت سامع
إذا كنت في الدنيا من الخير عاجزاً
فما أنت في يوم القيامة صانع
٤١٦


الصفحة التالية
Icon