جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٠
وفي "التأويلات النجمية" :﴿بَصُرْتُ﴾ يعني خصص بكرامة فيما رأيت من أثر فرس جبريل والهمت بأن له شأناً ما خص به أحد منكم ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا﴾ يشير بهذا العنى إلى أن الكرامة لأهل الكرامة كرامة ولأهل الغرامة فتنة واستدراج.
والفرق بين الفريقين أن أهل الكرامة يصرفونها في الحق والحقيقة وأهل الغرامة يصرفونها في الباطل والطبيعة كما أن الله تعالى أنطق السامري بنيته الفاسدة الباطلة بقوله :﴿وَكَذَالِكَ سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى﴾ أي : بشقاوتي ومحنتي والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منها بصورته الحسن وأصل التركيب سولت لي نفسي تسويلاً كائناً مثل ذلك التسويل على أن يكون مثل صفة مصدر محذوف وذلك إشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعد فقدّم على الفعل لإفادة القصر واعتبرت الكاف مقحة لإفادة تأكيد ما أفاده اسم الإشارة من الفخامة فصار مصدراً مؤكداً لا صفة أي : ذلك التزيين البديع زينت لي نفسي ما فعلته من القبض والنبذ لا تزييناً أدنى ولذلك فعلته وحاصل جوابه أن ما فعله إنما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الأمارة بالسوء وغوائها لا بشيء آخر من البرهان العقلي والإلهام الإلهي.
قال الكاشفي :(در لباب آورده كه موسى عليه السلام قصد قتل سامري كرد ازحق سبحانه وتعالى ندا آمد اورا مكش كه صفت سخاوت برو غالبست وون ازسخاى او خلق را منفعت بود نفع حيات ازوباز نتوان داشت سرّ واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض اينجا ظاهر ميشود) :
هرنها لى كه برك دارد وبر
باد زاب حيات تازه وتر
وانه بى ميوه باشد وسايه
به كه كردد تنوررا مايه
فعند ذلك.
﴿قَالَ﴾ موسى مكافئاً له.
قال الكاشفي :(كفت موسى مر سامري راكه ون مرا از قتل تومنع كردند) ﴿فَاذْهَبْ﴾ أي : من بين الناس ﴿فَإِنَّ لَكَ فِى الْحَيَواةِ﴾ أي : ثابت لك مدة حياتك عقوبة ما فعلت ﴿أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ﴾ قال في "المفردات" المس كاللمس لكن اللمس قد يقال لطلب الشيء وإن لم يوجد والمس يقال فيما يكون معه إدراك بحاسة اللمس.
وفي "القاموس" قوله تعالى :﴿لا مِسَاسَ﴾ بالكسر أي : لا أمس ولا أمسى وكذلك التماس ومنه من قبل أن يتماسا انتهى أي : لا يمسني أحد ولا أمس أحداً خوفاً من أن تأخذ كما الحمى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٠
ـ روي ـ أنه
٤٢١
كان إذا ماس أحداً ذكراً أو أنثى حم الماس والممسوس جميعاً حمى شديدة فتحامى الناس وتحاموه وكان يصيح بأقصى صوته لا مساس وحرم عليهم ملاقاته ومواجهته ومكالمته ومبايعته وغيرها مما يعتاد جريانه فيما بين الناس من المعاملات فصار وحيداً طريداً يهيم في البرية مع الوحش والسباع (ودر بعضى تفاسير هست كه جمعى از اولاد سامري درين زمان كوساله رست اند همان حال دارند) يعني أن قومه باقية فيهم تلك الحالة إلى اليوم، يقول الفقير : التناسل موقوف على مخالطة الأزواج والأولاد فكيف تقوم هذه الدعوى.
قال في "الإرشاد" : لعل السر في مقابلة جنايته بتلك العقوبة خاصة ما بينهما من مناسبة التضاد فإنه لما أنشأ الفتنة بما كانت ملابسته سبباً لحياة الموات عوقب بما يضاده حيث جعلت ملابسته للحمى التي هي من أسباب موت الاحياء.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن قصدك ونيتك فيما سولت نفسك أن تكون مطاعاً متبوعاً آلفاً مألوفاً فجزاؤك في الدنيا أن تكون طريداً وحيداً ممقتاً ممقوتاً متشرداً متنفراً تقول لمن رآك لا تمسني ولا أمسك فنهلك :
ون عاقبت زصحبت ياران بريدنست
يوند باكسى نكند آنكه عاقلست
وذلك لأن في الانقطاع بعد الاتصال الماً شديداً بخلاف الانقطاع الأصلي ولذا قال من قال :
الفت مكير همو الف هي باكسى
تابسته الم نشوى وقت انقطاع
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٠


الصفحة التالية
Icon