قال عيسى عليه السلام من ذا الذي يبني على موج البحر داراً تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً وقد ثبت أن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة وأهل الطاعة تكافىء ساعة من ساعاتهم في الآخرة بألف سنة في الراحة بخلاف أهل المعصية فإن ساعاتهم أيضاً تنبسط ولكن في المحنة وأفضل الطاعات وأحسن الحسنات التوحيد وتقوية اليقين بالعبادات ومتابعة سيد المرسلين وفي الحديث "لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى" قيل يا رسول الله من الذي أبى قال :"من لم يقل لا إله إلا الله فأكثروا من قول لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها فإنها كلمة التوحيد وهي العروة الوثقى وهي ثمن الجنة" أي : جنة الصورة وجنة المعنى وهي جنة القلب والروح وفيها أزهار الأنوار وثمرات الأسرار وهي أعلى من جنة الصورة إذ كل كمال إنما هو من تأثير المعنى وتجلياته فمن أصلح باطنه صلح ظاهره البتة كالشجرة إذا كان لها عرق فإنها تورق نسأل الله الاحتراق بنار العشق والمحبة والاستغراق في بحر التوحيد والفوز باللقاء الدائم كما قال :﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٥
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أنه إذا نفخ في الصور وحشر أهل البلاء وأصحاب الجفاء يوم الفزع الأكبر في النفخة الثانية
٤٢٥
﴿يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا﴾ (المزمل : ٣٧) ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الارْضُ غَيْرَ الأرْضِ﴾ (إبراهيم : ٤٨) وقد غضب ربنا ذلك اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله يرون من شدة أهوال ذلك اليوم ما يقلل في أعينهم شدة ما أصابهم من العذاب طول مكثهم في القبور فهم يحسبون أنهم ما لبثوا في القبور إلا عشرة أيام ثم قال تعالى :﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ﴾ من عظم البلاء وبما يقولون :﴿إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً﴾ أي : أصوبهم رأياً في نيل شدة البلاء ﴿إِن لَّبِثْتُمْ إِلا يَوْمًا﴾ وذلك لأنه وجد شدة بلاء ذلك اليوم عشرة أمثال ما وجده انتهى قيل :
ألا إنما الدنيا كظل سحابة
أظلتك يوماً ثم عنك اضمحلت
فلا تك فرحاناً بها حين أقبلت
ولا تك جزعاناً إذا هي ولت
قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة نومة، قال الشيخ سعدى :
نكه دار فرصت كه عالم دميست
دمى يش دانا به از عالميست
مكن عمر ضايع فافسوس وحيف
كه فرصت عزيزست والوقت سيف
قال السلطان ولد :
بكذار جها نرا كه جهان آن تونيست
وين دم كه همى زنى بفرمان تو نيست
كر مال جهان جمع كسى شاد مشو
ور تكيه بجان كنى جان آن تونيست
فعلى العاقل أن لا يضيع وقته بالصرف إلى الدنيا وما فيها من الشهوات فإن الوقت نقد نفيس وجوهر لطيف وبازى اشهب لا ينبغي أن يبذل لشيء حقير وأن يصاد به طير لا يسمن ولا يغني من جوع ومن المعلوم أن عيش الدنيا قصير وخطرها يسير وقدرها عند الله صغير إذا كانت لا تعدل عنده جناح بعوضة فمن عظم هذا الجناح كان أصغر منه.
بر مرد هشيار دنيا خسست
كه هرمدتى جاى ديكر كسست
قال عيسى عليه السلام من ذا الذي يبني على موج البحر داراً تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً وقد ثبت أن الدنيا ساعة فاجعلها طاعة وأهل الطاعة تكافىء ساعة من ساعاتهم في الآخرة بألف سنة في الراحة بخلاف أهل المعصية فإن ساعاتهم أيضاً تنبسط ولكن في المحنة وأفضل الطاعات وأحسن الحسنات التوحيد وتقوية اليقين بالعبادات ومتابعة سيد المرسلين وفي الحديث "لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى" قيل يا رسول الله من الذي أبى قال :"من لم يقل لا إله إلا الله فأكثروا من قول لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها فإنها كلمة التوحيد وهي العروة الوثقى وهي ثمن الجنة" أي : جنة الصورة وجنة المعنى وهي جنة القلب والروح وفيها أزهار الأنوار وثمرات الأسرار وهي أعلى من جنة الصورة إذ كل كمال إنما هو من تأثير المعنى وتجلياته فمن أصلح باطنه صلح ظاهره البتة كالشجرة إذا كان لها عرق فإنها تورق نسأل الله الاحتراق بنار العشق والمحبة والاستغراق في بحر التوحيد والفوز باللقاء الدائم كما قال :﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٥
﴿وَيَسْـاَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ﴾ السؤال استدعاء معرفة أو ما يؤدي إلى المعرفة وجوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة أو الإشارة أو استدعاء مال وما يؤدي إلى مال وجوابه على اليد واللسان خليفة لها إما بوعد أو برد والسأال للمعرفة قد يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت وتارة لتعريف المسؤول وتنبيهه لا ليخبر ويعلم فإذا كان للتعريف
٤٢٦