﴿يَوْمَـاـاِذٍ﴾ أي : يوم اذ نسفت الجبال على إضافة اليوم إلى وقت النسف وهو ظرف لقوله :﴿يَتَّبِعُونَ﴾ أي : الناس ﴿الدَّاعِىَ﴾ الذي يدعوهم إلى الموقف والمحشر وهو إسرافيل عليه السلام يدعو الناس عند النفخة الثانية قائماً على صخرة بيت المقدس ويقول أيتها العظام البالية والأوصال المتفرقة واللحوم المتمزقة قوموا إلى عرض الرحمن فيقبلون من كل أوب إلى صوبه أي : من كل جانب إلى جهته ﴿لا عِوَجَ لَهُ﴾ لا يعوج له مدعو ولا يعدل عنه بل يستوي إليه من غير انحراف متبعاً لصوته لأنه ليس في الأرض ما يحوجهم إلى التعويج ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء ﴿وَخَشَعَتِ الاصْوَاتُ لِلرَّحْمَـانِ﴾ خفضت من شدة الفزع وخفتت لهيبته والخشوع الخضوع وهو التواضع والسكون أو هو في الصوت والبصر والخضوع في البدن.
وفي "المفردات" الخشوع ضراعة وأكثر ما يستعمل فيما يوجد على الجوارح والضراعة أكثر ما يستعمل فيما يوجد في القلب ولذلك قيل فيما روى إذا ضرع القلب خشعت الجوارح والصوت هواء متموج بتصادم جسمين وهو عام والحرف مخصوص بالإنسان وضعاً ﴿فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا﴾ صوتاً خفياً ومنه الحروف المهموسة وهمس الأقدام أخفى ما يكون من صوتها.
وقال الكاشفي :(س نشنوى تودران روزمكر آوازى نرم يعنى صوت اقدام ايشان در رفتن محشر).
قال الإمام الغزالي في "الدرة الفاخرة" ينفخ في الصور أي : نفخة أولى فتتطاير الجبال وتتفجر الأنهار بعضها في بعض فيمتلىء عالم الهواء ماء وتنثر الكواكب وتتغير الأرض والسماء ويموت العالمون فتخلو الأرض والسماء ثم يكشف سبحانه عن بيت في سقر فيخرج لهب من النار فيشتعل في البحور فتنشف أي : تسرب ويدع الأرض حمأة سوداء والسموات كأنها عكر الزيت والنحاس المذاب ثم يفتح تعالى خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة فيمطر به الأرض وهو كمنيّ الرجال فتنبت الأجسام على هيئتها الصبي صبي والشيخ شيخ وما بينهما ثم يهب من تحت العرش ريح لطيفة فتبرز الأرض ليس فيها جبل ولا عوج ولا أمت ثم يحيى الله تعالى إسرافيل فينفخ من صخرة بيت المقدس فتخرج الأرواح من ثقب في الصور بعددها ويحل كل روح في جسده حتى الوحش والطير فإذا هم بالساهرة أي : بوجه الأرض بعد أن كانوا في بطنها وقيل الساهرة صحراء على شفير جهنم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أرض من فضة بيضاء لم يعص الله عليها منذ خلقها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٨
قال في "التأويلات النجمية" :﴿لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا﴾ من نقاياها ﴿وَلا أَمْتًا﴾ من زواياها ﴿يَوْمَـاـاِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِىَ﴾ أي : الذي دعاهم في الدنيا فأجابوا داعيهم ﴿لا عِوَجَ لَهُ﴾ في دعائهم يعني كل داع من الدعاة يكون مجيباً في جبلته
٤٢٨
الإنسانية لأنه تعالى هو الداعي والمجيب كقوله تعالى :﴿وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى دَارِ السَّلَـامِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (يونس : ٢٥) فالله تعالى هو الداعي وهو المجيب بالهداية يجيب بلسان المشيئة فافهم جداً ولهذا السر يوجد في كل زمان من متبعي كل داع خلق عظيم ولا يوجد في كل قرن من متبعي داعي الله إلا الشواذ من أهل الله ومن أهل داعي الهوى والدنيا والشيطان والملك والنبي والجنة والقربة يوجد في كل زمان خلق على تفاوت طبقاتهم وقدر مراتبهم وبقوله :﴿وَخَشَعَتِ الاصْوَاتُ لِلرَّحْمَـانِ﴾ يشير إلى أن داعي الله إذا دعا عبداً بالرحمانية خشعت وانقادت وذلت أصوات جميع الدعاة وانقطعت ﴿فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا﴾ أي : إلا وطأ أقدام المدعو ونقلها إلى داعيه انتهى.
فعلى العاقل أن يتبع داعي الله الحق فإن ما سواه باطل، وفي "المثنوي" :
ديد روى جز تو شد غل كلو
كل شيء ما سوى الله باطلباطلند ومينما يندم رشد
زانكه باطل باطلانرا مى كشد
اشتر كورى مهار تومتين
توكشش مى بين مهارت را مبينكرشدى محسوس جذاب ومهار
س نماندى اين جهان دار الفرار
كبر ديدى كوى سك مى رود
سخره ديو ستنبه مى شود
درى اوكى شدى مانند حيز
اى خودرا واكشيدى كبر نيز
كاو كر واقف زقصابان بدى
كى ى ايشان بدان دكان شدى
يابخوردى از كف ايشان سوس
يابدادى شير شان از ايلوس
وربخوردى كى علف هضمنش شدى
كر ز مقصود علف واقف بدى
توبجد كارى كه بركفتى بدست
عيش اين دم برتو وشيده شدست
برتوكر يدا شدى زان عيب وشين
زان رميدى جانت بعد المشرقين
حال كاخر زان شيمان مى شوى
كربود اين حالت اول كى دوى