وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم "اطلبوا اسم الله الأعظم في هذه السور الثلاث البقرة وآل عمران وطه" قال الراوي والمشترك بينها ﴿اللَّهُ لا إله إِلا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ﴾ ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ﴾ منهم ﴿ظُلْمًا﴾ خسر من أشرك بالله ولم يتب، يعني :(بى بهره ماند ونوميد كشت) قال الراغب الخيبة فوق المطلب.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٣٠
﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّـالِحَـاتِ﴾ أي : بعض الصالحات فمن مفعول يعمل باعتبار مضمونه ﴿وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ فإن الإيمان شرط في صحة الطاعات وقبول الحسنات ﴿فَلا يَخَافُ ظُلْمًا﴾ أي : منع ثواب مستحق بموجب الوعد ﴿وَلا هَضْمًا﴾ ولا كسراً منه ينقص ومنه هضم الطعام.
قال الراغب الهضم شدخ ما فيه رخاوة يقال هضمته فانهضم وهضم الدواء الطعام نهكه والهاضوم كل دواء هضم طعاماً ونخل طلعها هضيم أي : داخل بعضها في بعض كأنما شدخ.
وقال الكاشفي :(س نترسد دران روز ازستم وبيدادكه زيادتى سيآتست ونه از كسر وشكست كه نقصان حسنانست يعني نه از حسنات مؤمن يزى كم كنند ونه سيآت وى افزايند) فعليك بالحسنات والكف عن السيآت فإن كل أحد يجد ثمرة شجرة أعماله ويصل بأعماله إلى كل آماله وأفضل الأعمال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم.
قال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم : عظني وأوجز قال : نعم يا أمير المؤمنين نزه ربك وعَظِّمه من أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك.
قال بعض الكبار من علامة اتباع الهوى المسارعة إلى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بحقوق الواجبات وهذا حال غالب الخلق إلا من عصمه الله ترى الواحد منهم يقوم بالأوراد الكثيرة والنوافل العديدة الثقيلة ولا يقوم بفرض واحد على وجهه وإنما حرموا الوصول بتضييعهم الأصول.
ـ حكي ـ عن أبي محمد المرتعش رحمه الله أنه قال : حججت حجات على قدم التجريد فسألتني أمي ليلة أن أستقي لها جرة فثقل ذلك عليّ فعلمت أن مطاوعة نفسي في الحجات كانت بحظ مشوب للنفس إذ لو كانت نفسي فانية لم يصعب عليها ما هو حق في الشرع.
ثم إن المرء بمجرد العمل لا يكون إلا عابداً وأما المعارف الإلهية والوصول إلى الدرجات العاليات فيحتاج إلى مرشد كامل ولذا هاجر الكبار من دار إلى دار لتحصيل صحبة المقربين والأبرار، قال الحافظ :
من يسر منزل عنقا نه بخود بردم راه
قطع اين مرحله بامرغ سليمان كردم
﴿وَكَذَالِكَ﴾ إشارة إلى إنزال ما سبق من الآيات المتضمنة للوعيد المنبئة عما سيقع من أحوال القيامة وأهوالها أي : مثل ذلك الإنزال ﴿أَنزَلْنَـاهُ﴾ أي : القرآن كله وإضماره لكونه حاضراً في الأذهان قال في "بحر العلوم" ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى مصدر أنزلنا أي : مثل ذلك الإنزال البين أنزلناه حال كونه ﴿قُرْءَانًا عَرَبِيًّا﴾ يعني : بلغة العرب ليفهموه ويقفوا على إعجازه وخروجه عن حد كلام البشر.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٣٠
وفي "التأويلات النجمية" : أي كما أنزلنا الصحائف والكتب إلى آدم وغيره من الأنبياء بألسنتهم ولغاتهم المختلفة كذلك أنزلنا إليك قرآناً عربياً بلغة العرب وحقيقة كلامه التي هي الصفة القائمة بذاته منزهة عن الحروف والأصوات المختلفة المخلوقة وإنما الأصوات والحروف تتعلق باللغات والألسنة المختلفة
٤٣١
﴿وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ﴾ الصرف رد الشيء عن حالة إلى حالة أو إبداله بغيره ومثله التصريف إلا في التكثير وأكثر ما يقال في صرف الشيء من حالة إلى حالة ومن أمر إلى أمر وتصريف الرياح هو صرفها من حال إلى حال.