والوعيد التهديد بالفارسية (بيم نمودن) والمعنى بينا وكررنا في القرآن بعض الوعيد.
قال الكاشفي :(ون ذكر طوفان ورجفه وصيحه وخسف ومسخ) كما قال في "التأويلات النجمية" أي : أوعدنا فيه قومك بأصناف العقوبات التي عاقبنا بها الأمم الماضية وكررنا ذلك عليهم.
قال في "الكبير" يدخل تحته بيان الفرائض والمحارم لأن الوعيد بهما يتعلق ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ أي : يتقون الكفر والمعاصي بالفعل ﴿أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾ أي : يجدد القرآن لهم إيقاظاً واعتباراً بهلاك من قبلهم مؤدياً بالآخرة إلى الاتقاء وإحداث الشيء إيجاده والحدوث كون الشيء بعد أن لم يكن عرضاً كان أو جوهراً ﴿فَتَعَـالَى اللَّهُ﴾ تفاعل من العلو وليست مرتبة شريفة إلا والحق تعالى في أعلى الدرجات منها وأرفعها وذلك لأنه مؤثر وواجب لذاته وكل ما سواه أثر وممكن ولا مناسبة بين الواجب والممكن.
قال في "الإرشاد" وهو استعظام له تعالى ولشؤونه التي يصرف عليها عباده من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد وغير ذلك أي : ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين في ذاته وصفاته وأفعاله وأحواله ﴿الْمَلِكُ﴾ السلطان النافذ أمره ونهيه الحقيق بأن يرجى وعده ويخشى وعيده ﴿الْحَقُّ﴾ في ملكوته وألوهيته الحقيقي بالملك لذاته ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ﴾ يؤدي ويتم ويفرغ قال تعالى :﴿لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ (يونس : ١١) أي : فرغ أجلهم ومدتهم المضروبة ﴿وَحْيُهُ﴾ إلقاؤه وقراءته كان عليه السلام إذا ألقى إليه جبريل الوحي يتبعه عند تلفظ كل حرف وكل كلمة لكمال اغتنائه بالتلقي والحفظ فنهى عن ذلك إذ ربما يشغله التلفظ بكلمة عن سماع ما بعدها.
والمعنى لا تعجل بقراءة القرآن خوف النسيان والانفلات قبل أن يستتم جبريل قراءته ويفرغ من الإبلاغ والتلقين فإذا بلغ فاقرأه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٣٠
وفي "التأويلات النجمية" : فيه إشارة إلى سكوته عند قراءة القرآن واستماعه والتدبر في معانيه وأسراره للتنور بأنواره وكشف حقائقه ولهذا قال :﴿وَقُل﴾ أي : في نفسك ﴿رَبِّ﴾ (اى روردكار من) ﴿زِدْنِى﴾ (بيفزاي مرا) ﴿عِلْمًا﴾ أي : فهماً لإدراك حقائقه فإنها غير متناهية وتنوراً بأنواره وتخلقاً بخلقه.
وقال بعضهم علماً بالقرآن فكان كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد به علماً.
وقال محمد بن الفضل علماً بنفسي وما تضمره من الشرور والمكر والغدر لأقوم بمعونتك في مداواة كل شيء منها بدوائه.
وكان ابن مسعود رضي الله عنه إذا قرأها قال : اللهم زدني إيماناً ويقيناً بك وهو أجل التفاسير وأدقها لأنه علق الإيمان واليقين به تعالى دون غيره وهو أصعب الأمور كذا سمعت من شيخي وسندي قدس الله سره.
قيل : ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم.
قال الكاشفي :(در لطائف قشيري رحمه الله مذكوراست كه حضرت موسى عليه السلام زيادة علم طلبيد اورا حواله بخضر كردند وبى طلب يغمبر مارا صلى الله عليه وسلّم دعاى زيادتي علم بياموخت وحواله بغير خود نكرد تا معلوم شودكه آنكه درمكتب ادب.
"أدبني
٤٣٢
ربي" سبق ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِى عِلْمًا﴾ (طه : ١١٤) خوانده باشد هر آيينه دردركاه "علمك ما لم تكن تعلم" نكته "فعلمت علم الأولين والآخرين" بكوش هوش مستفيدان حقائق اشيا تواند رسانيد.
علمهاى انبياء واولياء
دردلش رخشنده ون شمس الضحى
عالمى كاموز كارش حق بود
علم اوبس كامل مطلق بود)
قال إبراهيم الهروي كنت بمجلس أبي يزيد البسطامي قدس سره فقال بعضهم إن فلاناً أخذ العلم من فلان قال أبو يزيد المساكين أخذوا العلوم من الموتى ونحن أخذنا العلم من حي لا يموت.
قال أبو بكر الكتاني قال لي الخضر عليه السلام كنت بمسجد صنعاء وكان الناس يستمعون الحديث من عبد الرزاق وفي زاوية المسجد شاب في المراقبة فقلت له لم لا تسمع كلام عبد الرزاق؟ قال : أنا أسمع كلام الرزاق وأنت تدعوني إلى عبد الرزاق فقلت له : إن كنت صادقاً فأخبرني من أنا فقال لي : أنت الخضر.
وفي الآية بيان لشرف العلم.
قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر العلم نور من أنوار الله تعالى يقذفه في قلب من أراده من عباده وهو معنى قائم بنفس العبد يطلعه على حقائق الأشياء وهو للبصيرة كنور الشمس للبصر مثلاً بل أتم وفي الخبر : قيل يا رسول الله أي : الأعمال أفضل؟ قال :"العلم بالله" قيل الأعمال نريد قال :"العلم بالله" فقيل : نسأل عن العمل وتجيب عن العلم فقال عليه السلام :"إن قليل العمل ينفع مع العلم وإن كثير العمل لا ينفع مع الجهل" والمعتبر هو العلم النافع ولذلك قال عليه السلام :"اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع" والعلم بالله لا يتيسر إلا بتصفية الباطن فتصفية القلب عما سوى الله تعالى من أعظم القربات وأفضل الطاعات ولذلك كان مطمح نظر الأكابر في إصلاح القلوب والسرائر، قال الحافظ :
اك وصافى شو وازاه طبيعت بدر آى
كه صفايى ندهد آب تراب آلوده


الصفحة التالية
Icon