وفي الحديث "الظلم ظلمات يوم القيامة" وإذا أظلم القلب عن المعرفة والإخلاص خرب وعلامة خراب القلب عصيان الجوارح وتعديها وميلها إلى ما فيه الهلاك.
وقال بعض أهل التفسير والأخبار : إن أهل حضور من قرى اليمن وقيل كانت بأرض الحجاز من ناحية الشام بعث إليهم نبي اسمه موسى بن ميشان كما في "الكشف".
وقال الإمام السهيلي في "التعريف والأعلام" اسمه شعيب بن ذي مهرم وقبر شعيب هذا في اليمن بجبل يقال له ضين.
قال في "القاموس" ضين بالكسر جبل عظيم بصنعاء اهـ وليس شعيب صاحب مدين لأن قصة حضور قبل مدّة معدّ جده عليه السلام وبعد مئين من السنين من مدة سليمان عليه السلام وأنهم قتلوا نبيهم وقتل أصحاب الرس أيضاً في ذلك التاريخ نبياً لهم اسمه حنظلة بن صفوان فأوحى الله إلى أرمياء أن ائت بخت نصر وأعلمه أني قد سلطته عليهم وعلى أرض العرب وأني منتقم به منهم وأوحى الله إلى أرمياء أن احمل معد بن عدنان على البراق إلى أرض العراق كيلا يصيبه النقمة والبلاء معهم فإني مستخرج من صلبه نبياً في آخر الزمان اسمه محمد صلى الله عليه وسلّم فحمل معداً وهو ابن اثني عشر وكان مع بني إسرائيل إلى أن كبر وتزوج امرأة اسمها معانه.
ثم إن بخت نصر نهض بالجيوش وكمن للعرب في مكان وهو أول من اتخذ المكامن في الحرب فيما زعموا ثم شن الغارات على حضور أي : صبها على أهلها من كل وجه فقتل وسبى وخرب العامر ولم يترك بحضور أثراً قال الله تعالى :﴿حَتَّى جَعَلْنَـاهُمْ حَصِيدًا خَـامِدِينَ﴾ ثم وطىء أرض العرب يمنها وحجازها فأكثر القتل والسبي وخرب وحرق ثم انصرف راجعاً إلى السواد وإياهم عنى الله بقوله :﴿وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً﴾ وهذه الرواية منقولة عن ابن عباس رضي الله عنهما وظاهر الآية على الكثرة لأن كم للتكثير ولعله رضي الله عنه ذكر حضور بأنها إحدى القرى التي أرادها الله بهذه الآية
٤٥٩
وفي الحديث "خمس في خمس ما نقض العهد قوم إلا سلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا منع عنهم القطر".
هره بر توآيد از ظلمات وغم
آن زبى شر مى وكستاخيست هم
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٥٨
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ﴾ الخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء أي : وما أبدعنا السماء التي هي كالقبة المضروبة والخيمة المطنبة ﴿وَالارْضِ﴾ التي هي كالفراش والبساط ﴿وَمَا بَيْنَهُمَآ﴾ من أنواع الخلائق وأصناف العجائب حال كوننا ﴿لَـاعِبِينَ﴾ يقول لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصداً صحيحاً أي : عابثين بل لحكم ومصالح وهي أن تكون مبدأ لوجود الإنسان وسبباً لمعاشه ودليلاً يقوده إلى تحصيل معرفتنا التي هي الغاية القصوى.
برك درختان سبرز در نظر هوشيار
هر ورقى دفتريست معرفت كردكان
وكل شيء فهو إما مظهر لطفه تعالى أو قهره وفي كل ذرة سر عجيب.
بنكر بشم فكركه ازعرش تابفرش
در هي ذره نيست كه سرى عجيب نيست
فإن قيل : دلت الآية على أن اللعب ليس من فعله وإنما هو من أفعال اللاعبين لأن اللاعب اسم لفاعل اللعب فنفى اسم الموضوع يقتضي نفي الفعل.
أجيب بأن ذلك يبطل بمسألة خلق الداعي والقدرة.
﴿لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا﴾ أي : ما يتلهى به ويلعب على أنه مصدر بمعنى المفعول يقال لهوت بالشيء لهواً إذا لعبت به.
قال الكاشفي :(يزى بآن بازى كنند وبرؤية آن مستأنس شوند ون زن وفرزند).
وقال الراغب اللهو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه ويعبر عن كل ما به استمتاع باللهو قال تعالى :﴿لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا﴾ وقول من قال أراد باللهو المرأة والولد فتخصيص ببعض ما هو من زينة الحياة الدنيا انتهى.
يقول الفقير : فسره بالمرأة في تفسير "الجلالين" المقصور على رواية ابن عباس رضي الله عنهما وبهما في "التأويلات" الشيخ نجم الدين قدس سره وهو من أكابر من جمع بين الطرفين ويدل على هذا المعنى قوله تعالى فيما بعد :﴿وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.
قال الإمام الواحدي يستروح بكل واحد منهما أي : من المرأة والولد ولهذا يقال لامرأة الرجل وولده ريحانتاه ﴿اتَّخَذْنَـاهُ مِن لَّدُنَّآ﴾ أي : من جهة قدرتنا عليه لتعلقها بكل شيء من المقدورات أو مما نصطفيه ونختاره مما نشاء من خلقنا من الحور العين أو من غيرها.
قال الواحدي معنى من لدنا من عندنا بحيث لا يظهر لكم ولا تطلعون عليه ولا يجري لأحد فيه تصرف لأن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده لا عند غيره ﴿إِن كُنَّا فَـاعِلِينَ﴾ ذلك لكن تستحيل إرادتنا له لمنافاته الحكمة لا لعدم القدرة على اتخاذه ولا لغيره فيستحيل اتخاذنا له قطعاً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٠