شب ره ميطلبد بدر تمامت نقصان
اونداندكه ابدنور تو ظاهر باشد
هركه ازروى جدل برتو سخن ميراند
بمثل شد اكرش بو على كافر باشد
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٣
وأما الاعتراض على الأولياء والمشايخ من العلماء فإنه يحرم الخير ويقطع بركة الصحبة وزيادة العلم يدل على ذلك شأنه موسى والخضر عليهما السلام نهاه عن الاعتراض عليه فيما يفعل بقوله :﴿فَلا تَسْـاَلْنِي عَن شَىءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ (الكهف : ٧٠) فاعترض عليه فناداه الخضر بالفراق فحرم بركة صحبته وانقطعت بركة الزيادة من علمه والخير الذي جعله الله معه.
ومن شؤم الاعتراض ما كان من أمر الخوارج اعترضوا على علي رضي الله عنه وخرجوا عليه فخرجوا من الدين وصاروا كلاب النار وشر قتلى تحت أديم السماء.
قال أبو يزيد البسطامي قدس سره في حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤي بعد ذلك مع المخنثين وسرق فقطعت يده هذا حظ المعترض في الدنيا وأما حاله في الآخرة فلا يكلمه الله ولا ينظر إليه وله عذاب أليم في نار القطعية والهجران، يقول الفقير :
هين مكن بامر شد كامل جدل
تانباشد كمرهى اورا بدل
﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِه ءَالِهَةً﴾ الهمزة لإنكار الاتخاذ المذكور واستقباحه واستعظامه ومن متعلقة باتخذوا.
والمعنى بل اتخذوا متجاوزين إياه تعالى آلهة مع ظهور خلوهم عن خواص الألوهية بالكلية ﴿قُلْ﴾ لهم بطريق الإلزام وإلقام الحجر ﴿هَاتُوا﴾ (بياريد).
قال في "بحر العلوم" هات من أسماء الأفعال يقال هات الشي أي : أعطنيه.
والمعنى أعطوني ﴿بُرْهَـانَكُمْ﴾ حجتكم على ما تدعون من جهة العقل والنقل فإنه لا صحة لقول لا دليل عليه في الأمور الدينية لا سيما في مثل هذا الشأن الخطير.
قال الراغب البرهان فعلان مثل الرجحان والبنيان.
وقال بعضهم هو مصدر بره يبره إذا ابيض انتهى وقد أشار صاحب "القاموس" إلى كليهما حيث قال في باب النون البرهان بالضم الحجة وبرهن عليه أقام البرهان وفي باب الهاء أبره أتى بالبرهان.
قال في "المفردات" : البرهان أوكد الأدلة وهو الذي يقتضي الصدق أبداً ﴿هَـاذَا ذِكْرُ مَن مَّعِىَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِى﴾ هذا إشارة إلى الموجود بينهم من الكتب الثلاثة القرآن والتوارة والإنجيل فالقرآن ذكر وعظة لمن اتبعه عليه السلام إلى يوم القيامة والتوراة والإنجيل ذكر وعظة للأمم المتقدمة يعني راجعوا هذه الكتب الثلاثة هل تجدون في واحد منها غير الأمر بالتوحيد فهذا برهاني قد أقمته فأقيموا أيضاً برهانكم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٣
وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى أن إثبات الوحدانية بالتحقيق وكشف العيان من خصوصية العلماء المحققين من أمتي الذين هم معي في سير المقامات وقطع المنازل إلى الخضرة كما هو من خصائص الأنبياء من قبلي ومن هنا قال صلى الله عليه وسلّم "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل" أي : في صدق طلب الحق بالإعراض عن الكونين والتوجه إلى الله تعالى ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ﴾ إضراب من جهته تعالى غير داخل في الكلام الملقن أي : لا يفهمون الحق ولا يميزون بينه وبين الباطل فلا تنجع فيهم المحاجة بإظهار حقية الحق وبطلان الباطل.
وفي "بحر العلوم" كأنه قيل بل عندهم ما هو أصل الفساد كله وهو الجهل وعدم التمييز بين الحق والباطل فمن ثمة جاء
٤٦٦
الإعراض ومن هناك ورد الإنكار ﴿فَهُمُ﴾ لأجل ذلك ﴿مُّعْرِضُونَ﴾ مستمرون على الإعراض عن التوحيد واتباع الرسول وأما أقلهم العالمون فلا يقبلونه عناداً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٣
﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ﴾ أي : الشأن ﴿لا إله إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ أي : وحدوني ولا تشركوا بي.
وفيه إشارة إلى أن الحكمة في بعثة جميع الأنبياء والرسل مقصورة على هاتين المصلحتين وهما إثبات وحدانية الله تعالى وتعبده بالإخلاص لتكون فائدة تينك المصلحتين راجعة إلى العباد لا إلى الله تعالى كما قال :"خلقت الخلق ليربحوا عليّ لا لأربح عليهم"، وفي "المثنوي" :
ون خلقت الخلق كي يربح على
لطف توفر مود أي : قيوم وحي
لا لأن أربح عليهم جودنست
كه شود زو جمله ناقصها درست
عفو كن زين ناقصان تن رست
عفو ازدرياى عفو او ليترست
وأكبر فائدتهما معرفة الله تعالى كما قال تعالى :﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالانسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات : ٥٦) أي : ليعرفون وهي مختصة بالإنسان دون سائر المخلوقات فإنها هي حقيقة الأمانة التي قال تعالى :﴿إِنَّا عَرَضْنَا الامَانَةَ عَلَى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ (الأحزاب : ٧٢) الآية.


الصفحة التالية
Icon