﴿قُلْ﴾ يا محمد للمستهزئين بطريق التقريع والتبكيت ﴿مِنْ﴾ استفهام ﴿يَكْلَؤُكُم﴾ الكلأ حفظ الشيء وتبقيته والكالىء الذي يحفظ أي : يحفظكم ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ﴾ أي : فيهما ﴿مِّنَ الرَّحْمَـانِ﴾ أي : من بأسه الذي يستحقون نزوله ليلاً أو نهاراً إن أراد بكم أي : لا يمنعكم من عذابه إلا هو وفي ذكر الرحمن تنبيه على أنه لا كالىء غير رحمته العامة وأن اندفاعه بمهلته وتقديم الليل لما أن الدواهي أكثر فيه وقوعاً وأشد وقعاً ﴿بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ﴾ لا يخطرون ذكره تعالى ببالهم فضلاً عن أن يخافوا الله ويعدّوا ما كانوا عليه من الأمن والدعة حفظاً وكلاءة حتى يسألوا عن الكالىء أي : دعهم عن هذا السؤال لأنهم لا يصلحون له لإعراضهم عن ذكر الله تعالى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٨٢
وفي "التأويلات النجمية" المحجوبون بحجب البشرية أرجى صلاحاً من المحجوبين بحجب الروحانية لأنهم مقرون بجهالتهم وهؤلاء مغرورون بمقالتهم وأهل الحجب البشرية معرضون عن ذكر ربهم وطلبه لاشتغالهم بلوازم البشرية وأهل الحجب الروحانية معرضون عن ذكر ربهم ومعرفته بحسبانهم بمعارف المعقولات، قال الكمال الخجندي :
بشكن بت غروركه دردين عاشقان
يك بت كه بشكنندبه از صد عبادتست
وقال الصائب :
بفكر نيستى هركز نمى افتند مغروران
اكره صورت مقراض لا دارد كريبانها
﴿أَمْ لَهُمْ ءَالِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا﴾ أم منقطعة أي : بل لهم آلهة تمنعهم من العذاب متجاوزة منعنا فهم معتمدون عليها أي : ليس لهم ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ وَلا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ﴾ استئناف مقرر لما قبله من الإنكار وموضح لبطلان اعتقادهم أي : هم لا يقدرون أن ينصروا أنفسهم، يعني :(اكركسى با يشان مكروهى خواهد از كسر وقلع وتلويث وامثال آن ازخود دفع نتوانند كرد) ولا يصحبون بالنصر من جهتنا.
قال الراغب : لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفق ونحو ذلك مما يصحب أولياءنا فكيف يتوهم أن ينصروا غيرهم وقال ابن عباس رضي الله عنهما : يصحبون يمنعون.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٨٢
﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَـاؤُلاءِ وَءَابَآءَهُمْ﴾ المتاع انتفاع ممتد الوقت يقال متعه الله بكذا وامتعه وتمتع به، يعني :(بلكه ما برخوردارى داديم آن كروه را بجهت سعت معيشت وايمنى وسلامتى ودر ايشانرا) ﴿حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ بضم الميم وسكونها اسم لمدة عمارة البدن بالحياة أي : طال عليهم الأجل في التمتع فاغتروا وحسبوا أنهم ما زالوا على ذلك لا يغلبون (وندانستندكه دست اجل برهم زنداين بناكه افراشته) ﴿أَفَلا يَرَوْنَ﴾ أي : ألا ينظرون فلا يرون ﴿أَنَّا نَأْتِى الارْضَ﴾ أرض الكفرة التي هي دار الحرب ﴿نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ﴾ بتسليط المؤمنين عليها فكيف يتوهمون أنهم ناجون من بأسنا والجملة خبر بعد خبر أو حال أو بدل والأطراف جمع طرف بالتحريك وهو ناحية من النواحي وطائفة من الشيء قالوا : هذا تمثيل وتصوير لما يخربه الله من ديارهم على أيدي
٤٨٣
المسلمين ويضيفه إلى دار الإسلام وذلك أن الله لا يأتي بل العساكر تغزوا أرض الكفرة وتأتي غالبة عليها ناقصة من نواحيها.
قال الكاشفي يعني :(ميكشاييم آنرا بر مسلمانان كه تاهر روز قلعه ميكيرند ومنزلى بحوزه تصرف درمى آرند) وقد سبق في آخر سورة الرعد ﴿أَفَهُمُ الْغَـالِبُونَ﴾ القاهرون على رسول الله والمؤمنين أي : أبعد ظهور ما ذكر ورؤيتهم له يتوهم غلبتهم أي : الغالب هو الله وهم المغلوبون وفي الحديث :"فضلت على الناس بأربع بالسماحة والشجاعة وكثرة الجماع وشدة البطش" قيل : للاسكندر في عسكر دارا ألف ألف مقاتل فقال : إن القصاب الحاذق لا يهوله كثرة الأغنام، وفي "المثنوي" :
تيشه را زانبوهى شاخ درخت
كى هراس آيد بررد لخت لختشعله را زانبوهى هيزم ه غم
كى رمد قصاب زانبوه غنم
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٨٣
خر نشايد كشت از بهر صلاح
ون شودو حشى شود خونش مباحلا جرم كفار را شد خون مباح
همو وحشى يش نشاب ورماح
جفت وفرزندان شان جمله سبيل
زانكه بى عقلند ومردود وذليل