جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٨٥
عبادت باخلاص نيت نكوست
وكرنه ه آيد زبى مغزوست
والأحوال بميزان الصدق :
بصدق كوش كه خورشيد زآيد ازنفست
كه از دروغ سيه روى كشت صبح نخست
فمن كانت أعماله بالرياء مصحوبة لم تقبل أعماله :
منه آب زرجان من بر شيز
كه صراف دانا نكيرد بيز
ومن كانت أحواله بالعجب مشوبة لم ترفع أحواله :
حال خود از عجب دل تخليص كن
از عمل توفيق را تخصيص كن
كر بخواهى تا كران معنى شوى
وزن كن حالت بميزان شوى
ون ترازوى تو كج بود ودغا
راست ون جويى ترازوى جزا
﴿وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى وَهَـارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ﴾ أي : وبالله لقد آتيناهما كتاباً جامعاً بين كونه فرقاناً بين الحق والباطل وضياء يستضاء به في ظلمات الحيرة والجهالة وذكراً يتعظ به الناس فالمراد بجميع هذه الصفات واحد هو التوراة وتخصيص المتقين بالذكر لأنهم المستضيئون بأنواره والمغتنمون بمغانم آثاره.
﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم﴾ عذابه وهو مجرور المحل على أنه صفة مادحه للمتقين ﴿بِالْغَيْبِ﴾ حال من المفعول أي : يخشون عذابه تعالى وهو غائب عنهم غير مشاهد لهم ففيه تعريض بالكفرة حيث لا يتأثرون بالإنذار ما لم يشاهدوا ما أنذروه من العذاب ﴿وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ﴾ اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمي بها لأنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم وسميت الساعة ساعة لسعيها إلى جانب الوقوع ومسافته الأنفاس.
وقال الراغب الساعة جزء من أجزاء الزمان ويعبر بها عن القيامة سميت بذلك لسرعة
٤٨٨
حسابه كما قال تعالى :﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَـاسِبِينَ﴾ (الأنعام : ٦٢) ولما نبه عليه بقوله :﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَار﴾ (الأحقاف : ٣٥) وقوله :﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ فالأولى هي القيامة والثانية الوقت القليل من الزمان ﴿مُشْفِقُونَ﴾ أي : خائفون منها وقد سبق الإشفاق في هذه السورة وتخصيص إشفاقهم منها بالذكر بعد وصفهم بالخشية على الإطلاق للإيذان بكونها معظم المخوفات.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٨٥
﴿وَهَـاذَآ﴾ أي : القرآن الكريم أشير إليه بهذا إيذاناً بغاية وضوح أمره ﴿ذُكِرَ﴾ يتذكر به من يتذكر ﴿مُّبَارَكٌ﴾ كثير الخير والنفع يتبرك به ﴿أَنزَلْنَـاهُ﴾ على محمد صفة ثانية لذكر أو خبر آخر ﴿أَفَأَنتُمْ لَه مُنكِرُونَ﴾ إنكار لإنكارهم بعد ظهور كون إنزاله كإيتاء التوراة كأنه قيل أبعد أن علمتم أن شأنه كشأن التوراة في الإيتاء والإيحاء أنتم منكرون لكونه منزلاً من عندنا فإن ذلك بعد ملاحظة حال التوراة مما لا مساغ له أصلاً.
قال بعض الكبار كلام الله سبحانه في نفسه مبارك وإن لم يسمعه الجاهل ولكن مبارك على من يسمعه باستماع المحبة والشوق إلى لقاء المتكلم ويعمل بمضمونه ويعرف إشارته ويجد حلاوته في قلبه فإذا كان كذلك تبلغه بركته إلى مشاهدة معدنه وهو رؤية الذات القديم وفي الحديث "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" وفي الحديث "لا تجعلوا بيوتكم مقابر" يعني : لا تتركوا بيوتكم خالية من تلاوة القرآن فإن كل بيت لا يقرأ القرآن فيه يشبه المقابر في عدم القراءة والذكر والطاعة وإلى الله المشتكي من إهمال أهالي هذا الزمان فإن ميل أكثرهم إلى الإشعار وكلام أهل الهوى لا إلى القرآن والهدي، قال الخجندي :
دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت
و باطلان ز كلام حقت ملولى يست
وفي "التأويلات النجمية" النور الذي هو يفرق بين الحق والباطل بل بين الخلق والخالق والحدوث والقدم نور يقذفه الله في قلوب عباده المخلصين من الأنبياء والمرسلين والأولياء الكاملين لا يحصل إلا بتكرار العلوم الشرعية لا بالأفكار العقلية وله ضياء وهو ذكر يتعظ به المتقون الذين يتقون عن الشرك بالتوحيد وعن الطمع بالشرع وعن الرياء بالإخلاص وعن الخلق بالخالق وعن الأنانية بالهوية ﴿وَهَـاذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ﴾ لمن يتعظ به ويعلم أن الاتعاظ به إنما هو من نور ﴿أَنزَلْنَـاهُ﴾ في قلبه لا من نتائج عقله وتفكره أتنكرون على أنه نور من هدايتنا.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٨٩