ـ روي ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال :"ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم إلى مهاجر إبراهيم" أراد عليه السلام بالهجرة الثانية الهجرة إلى الشام والمقصود ترغيب الناس في المقام بها وفي الحديث "بيت المقدس أرض الحشر والنشر والشام صفوة الله من بلاده يجيىء إليها صوفته من خلقه" وفي المرفوع "عليكم بالشام".
سعد يا حب وطن كره حديث است صحيح
نتوان مرد بسختى كه من اينجا زادم
وفي "المثنوي" :
مسكن يارست وشهر شاه من
يش عاشق اين بود حب الوطن
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ﴾ أي : لإبراهيم بعد نزوله في الأرض المباركة وطلب الولد منها ﴿إِسْحَـاقَ﴾ ولداً لصلبه من سارة معناه بالعبرانية الضحاك كما أن معنى إسماعيل بها مطيع الله ﴿وَيَعْقُوبَ﴾ أي : ووهبنا له يعقوب أيضاً حال كونه ﴿نَافِلَةً﴾ أي : ولد ولد فهو حال من المعطوف عليه فقط لعدم اللبس وسمى يعقوب لأنه خرج عقيب أخيه عيص أو متمسكاً بعقبه.
قال في "القاموس" : النافلة الغنيمة والعطية وما تفعله مما لم يجب كالنفل وولد الولد ﴿وَكُلا﴾ أي : كل واحد من هؤلاء الأربعة بعضهم دون بعض ﴿جَعَلْنَا صَـالِحِينَ﴾ بأن وفقناهم للصلاح في الدين والدنيا فصاروا كاملين.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٩٨
﴿وَجَعَلْنَـاهُمْ أَاـاِمَّةً﴾ يقتدي بهم في أمور الدين ﴿يَهْدُونَ﴾ أي : الأمة إلى الحق ﴿بِأَمْرِنَا﴾ لهم بذلك وإرسالنا إياهم حتى صاروا مكملين ﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾ ليحثوهم عليه فيتم كمالهم بانضمام العمل إلى العلم.
يقول الققير : جعلوا المصدر من المبنى للمفعول بمعنى أن يفعل الخيرات بناء على أن التكاليف يشترك فيها الأنبياء والأمم ولكن قوله تعالى في أواخر هذه السورة ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَـارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ﴾ وقوله تعالى في سورة مريم حكاية عن عيسى عليه السلام :﴿وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَـانِى﴾ ينادي على أنه من المبنى للفاعل ولا يضر ذلك في الاشتراك إذ الأنبياء أصل في الذي أوحي إليهم من الأوامر ﴿وَإِقَامَ الصَّلَواةِ وَإِيتَآءَ الزَّكَواةِ﴾ عطف الخاص على العام دلالة على فضله وحذفت تاء الإقامة المعوضة من إحدى الألفين لقيام المضاف إليه مقامه ﴿وَكَانُوا لَنَا﴾ خاصة دون غيرنا ﴿عَـابِدِينَ﴾ لا يخطر ببالهم غير عبادتنا والعبادة غاية التذلل.
قال في "التأويلات النجمية" قوله :﴿وَوَهَبْنَا﴾ يشير إلى أن الأولاد من مواهب الحق لا من مكاسب العبد وقوله :﴿وَكُلا جَعَلْنَا صَـالِحِينَ﴾ يشير إلى أن الصلاحية
٥٠١
من المواهب أيضاً وحقيقة الصلاحية حسن الاستعداد الفطري لقبول الفيض الإلهي وقوله :﴿وَجَعَلْنَـاهُمْ أَاـاِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ يشير إلى أن الإمامة أيضاً من المواهب وأنه ينبغي أن الإمام يكون هادياً بأمر الله لا بالطبع والهوى وإن كان له أصل البداية وقوله :﴿وَأَوْحَيْنَآ﴾ الخ يشير إلى أن هذه المعاملات لا تصدر من الإنسان إلا بالوحي للأنبياء وبالإلهام للأولياء وأن طبيعة النفس الإنسانية أن تكون أمارة بالسوء انتهى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٠١
واعلم أن آخر الآيات نبه على أهل الإخلاص بالعبارة وعلى غيره بالإشارة فالأول هو العبد المطلق والثاني هو عبد هواه ودنياه وفي الحديث "تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار" خصهما بالذكر لأنهما معظم ما يعبد من دون الله تعالى.
وعن يحيى بن معاذ أنه قال : الناس ثلاثة أصناف : رجل شغله معاده عن معاشه، ورجل شغله معاشه عن معاده، ورجل مشتغل بهما جميعاً فالأول درجة العابدين والثاني درجة الهالكين والثالث درجة المخاطرين، وفي "المثنوي" :
آدمى راهست دركار دست
ليك ازو مقصود اين خدمت بدستتاجلا باشد مرين آيينه را
كه صفا آيد ز طاعت سينه راجهد كن تانور تورخشان شود
تاسلوك وخدمتت آسان شودبند بكسل باش آزاد اى سر
ند باشى بند سيم وبند زرهركه از ديدار بر خوردار شد
اين جهان درشم اومردار شدباز اكر باشد سيد وبى نظير
ونكه صيدش موش باشد شد حقير ﴿وَلُوطًا﴾ منصوب بمضمر يفسره قوله :﴿ءَاتَيْنَـاهُ﴾ أي : وآتينا لوطاً آتيناه ﴿حُكْمًا﴾.