آدمى رادشمن نهان بسيست
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٠٣
آدمىء باحدر عاقل كسيست وقد قيل في كل شيء عبرة والعبرة في الغراب شدة حذره.
ومنها أن الدعاء من أسباب النجاة فرعها الله عليه حيث قال :﴿فَنَجِّيْنَـاهُ﴾ بعد قوله :﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ قال الحافظ :
مرا درين ظلمات آنكه رهنمائى كرد
دعاى نيم شبى بود وكريه سحرى
وفي "المثنوي" :
آن نياز مريمى بودست ودرد
كه نان طفلى سخن آغازكردهركجا دردى دوا آنجا رود
هركجا ستيست رب آنجا رود ومنها أن الله تعالى يعين عبده المضطر من حيث لا يحتسب إذ كل شيء جند من جنوده كما حكي أن سفينة مولى رسول الله عليه السلام أخطأ الجيش بأرض الروم فأسر فانطلق هارباً يلتمس فإذا هو بالأسد فقال : يا أبا الحارث أنا سفينة مولى رسول الله وكان من أمري كيت وكيت فأقبل الأسد يبصبص حتى قام إلى جانبه كلما سمع صوتاً أهوى إليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش ثم رجع الأسد، قال الشيخ سعدي قدس سره :
يكى ديدم از عرصه رودبار
كه يش آمدم برلنكى سوار
نان هول ازان حال بر من نشست
كه ترسيدنم اى رفتن به بست
تبسم كنان دست برلب كرفت
كه سعدى مدار آنه آيد شكفت
توهم كردن از حكم داور مي
كه كردن نيد زحكم توهي
محالست ون دوست دارد ترا
كه دردوست دشمن كذارد ترا
ومنها : أن الملك يتمثل لخواص البشر.
قال الغزالي رحمه الله في "المنقذ من الضلال" إن الصوفية يشاهدون الملائكة في يقظتهم أي : لحصول طهارة نفوسهم وتزكية قلوبهم وقطعهم العلائق وحسمهم مواد أسباب الدنيا من الجاه والمال وإقبالهم على الله تعالى بالكلية علماً دائماً وعملاً مستمراً :
شد فرشته ديدن ازشان فرشته خصلتى†
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٠٣
﴿وَدَاوُادَ وَسُلَيْمَـانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِى الْحَرْثِ﴾ أي : اذكر خبرهما وقت حكمهما في وقت الحرث وهو بالفارسية (كشت) ﴿إِذْ نَفَشَتْ﴾ تفرقت وانتشرت ظرف للحكم ﴿فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ ليلاً بلا راع فرعته وأفسدته فإن النفش أن ينتشر الغنم ليلاً بلا راع والغنم محركة الشاة لا واحد لها من لفظها الواحدة شاة وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث وعليهما جميعاً كما في "القاموس" ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ﴾ أي : لحكم الحاكمين والمتحاكمين إليهما.
فإن قيل : كيف يجوز أن يجعل الضمير لمجموع الحاكمين والمتحاكمين وهو يستلزم إضافة المصدر إلى فاعله ومفعوله دفعة واحدة وهو إنما يضاف إلى أحدهما فقط لأن إضافته إلى الفاعل على سبيل القيام به وإضافته إلى المفعول على سبيل الوقوع عليه فهما معمولان مختلفان فلا يكون اللفظ الواحد مستعملاً فيهما معاً وأيضاً أنه يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز لأن إضافته إلى الفاعل حقيقة وإلى المفعول مجاز فالجواب أن هذه الإضافة لمجرد الاختصاص مع كون القطع عن كون المضاف إليه فاعلاً
٥٠٤
أو مفعولاً على طريق عموم المجاز كأنه قيل وكنا للحكم المتعلق بهم ﴿شَـاهِدِينَ﴾ حاضرين علماً وهو مقيد لمزيد الاعتناء بشأن الحكم.
وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى أنا كنا حاضرين في حكمهما معهما وإنما حكما بإرشادنا لهما ولم يخطىء أحد منهما في حكمه إلا أنا أردنا تشييد بناء الاجتهاد بحكمهما عزة وكرامة للمجتهدين ليقتدوا بهما مستظهرين بمساعيهم المشكورة في الاجتهاد.
﴿فَفَهَّمْنَـاهَا﴾ أي : الحكومة ﴿سُلَيْمَـانُ﴾ وهو ابن إحدى عشرة سنة.
وقال الكاشفي :(درسن سيزده سالكى).
قال في "التأويلات النجمية" يشير إلى رفعة درجة بعض المجتهدين على بعض وأن الاعتبار في الكبر والفضيلة بالعلم وفهم الأحكام والمعاني والأسرار لا بالسن فإنه فهم بالأحق والأصوب وهو ابن صغير وداود نبي مرسل كبير.
وحكماً (كفته اند تو انكرى بهنرست نه بمال وبزركى بعقلست نه بسال).
وفي "القصص" إن بني إسرائيل حسدوا سليمان على ما أوتي من العلم في صغر سنه فأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام يا داود إن الحكمة تسعون جزأ سبعون منها في سليمان وعشرون في بقية الناس ﴿وَكُلا﴾ (هريك را زدر وسر) ﴿حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا﴾ كثيراً لا سليمان وحده فحكم كليهما حكم شرعي.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٠٤
قال في "التأويلات النجمية" أي : حكمة وعلماً ليحكم كل واحد منهما موافقاً للعلم والحكمة بتأييدنا وإن كان مخالفاً في الحكم بحكمتنا ليتحقق صحة أمر الاجتهاد وأن كل مجتهد مصيب كما قال في "الإرشاد" وهذا يدل على أن خطأ المجتهد لا يقدح في كونه مجتهداً.