ترك أدب لأنه يوهم التحقير في شأنهما العظيم.
وكان صالح ينسج الأكسية جمع كساء بالفارسية (كليم).
وعيسى يخصف النعل ويرقعها.
وأفضل الكسب الجهاد وهو حرفة رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد النبوة والهجرة.
ثم التجارة بشرط الأمانة بحيث لا يخون على مقدار حبة أصلاً.
ثم الحراثة.
ثم الصناعة كما في "المختار والتحفة".
ويجتنب المكاسب الخبيثة أي : الحرام والرديىء أيضاً نحو أجرة الزانية والكاهن وهو الذي يخبر عن الكوائن المستقبلة أو عما مضى وعن نحوسة طالع أو سعد أو دولة أو محنة أو نحو ذلك.
ويجتنب عن صنعة الملاهي ونحوها.
وكره للرجل أن يكون بائع الأكفان لأنه يوجب انتظار موت الناس أو حناطاً يحتكر أو جزاراً وهو القصاب الذي يذبح الدواب لما فيه قساوة القلب.
أو صائغاً بالفارسية (زركر) لما فيه من تزيين الدنيا وقد كرهوا كل ما هو بمعناه كصناعة النقش وتشييد البنيان بالجص ونحو ذلك.
أو نخاساً وهو الذي يبيع الناس من الذكور والإناث.
يقال : ثلاثة لا يفلحون : بائع البشر، وقاطع الشجر، وذابح البقر.
وكره أن يكون حجاماً أو كناساً أو دباغاً وما في معناه لما فيه من مخالطة النجاسة.
وكره ابن سيرين وقتادة أجرة الدلال لقلة اجتنابه عن الكذب وإفراطه في الثناء على السلعة لترويجها.
ـ روي ـ أن أول من دل إبليس حيث قال :﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى﴾ (طه : ١٢٠) كما في "روضة الأخبار".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٠٧
﴿وَلِسُلَيْمَـانَ الرِّيحَ﴾ أي : وسخرنا له الريح وتخصيص داود بلفظ مع وسليمان باللام للدلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت فإن تسخير ما سخر له عليه السلام من الريح وغيرها كان بطريق الانقياد الكلي له والامتثال بأمره ونهيه والمقهورية تحت ملكوته فجيىء بلام التمليك وأما تسخير الجبال والطير لداود عليه السلام فلم يكن بهذه المثابة بل بطريق التبعية له والاقتداء في عبادة الله تعالى ﴿عَاصِفَةً﴾ حال من الريح أي : حال كونها شديدة الهبوب من حيث أنها تبعد بكرسيه في مدة يسيرة من الزمان وكانت لينة في نفسها طيبة كالنسيم فكان جمعها بين الرخاوة في نفسها وعصفها في عملها مع طاعتها لسليمان وهبوبها حسبما يريد ويحتكم معجزة مع معجزة ﴿تَجْرِى﴾ (ميرفت) حال ثانية ﴿بِأَمْرِهِ﴾ بمشيئته ﴿إِلَى الارْضِ الَّتِى بَـارَكْنَا فِيهَا﴾ وهي الشام التي تذهب به غدوة من الشام إلى ناحية من نواحي الأرض وبينها وبين الشام مسيرة شهر إلى وقت الزوال ثم ترجع به منها بعد الزوال إلى الشام عند الغروب كما قال تعالى :﴿غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ﴾ (سبأ : ١٢).
قال مقاتل : عملت الشياطين لسليمان بساطاً فرسخاً في فرسخ من ذهب في إبريسم وكان يوضع له منبر من ذهب في وسط البساط فيقعد عليه وحوله كراسي من ذهب وفضة يقعد الأنبياء على كراسي الذهب والعلماء على كراسي الفضة وحولهم الناس وحول الناس الجن والشياطين وتظله الطير بأجنحتها حتى لا تطلع عليه الشمس وترفع ريح الصبا البساط مسيرة شهر من الصباح إلى الرواح ومن الرواح إلى المغرب وكان عليه السلام امرأ قلما يقعد عن الغزو ولا يسمع في ناحية من الأرض ملكاً إلا أتاه ودعاه إلى الحق.
قال الكاشفي :(در تلخيص آورده كه
٥١٠
در شام شهرى بود تدمر نام كه ديوان براى سليمان بنياد ساخته بودند صباح از آنجا بيرون آمدى وياز تماز شام دير آيد آنجا آوردى.
ودر مختار القصص آورده كه بامداد از تدمر بيرون آمدى وقيلوله در اصطخر فارس كردى وشبانكاه بكابل رفتى وروزى ديكر از كابل بيرون آمدى وغشت در اصطخر بودى وشام بتدمر باز آمدى) وكانت تجري إلى حيث شاء سليمان ثم يعود إلى منزله بالشام.
ـ وروي ـ أن سليمان سار من العراق غادياً فقابل نمرود وصلى العصر ببلخ ثم سار من بلخ متخللاً بلاد الترك وأرض الصين ثم عطف منها على مطلع الشمس على ساحل البحر حتى أتى قندهار وخرج منها إلى مكران وكرمان حتى أتى فارس فنزلها أياماً وغدا منها بكسكر ثم راح إلى الشام وكان مستقره بمدينة تدمر كما في "بحر العلوم"، قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٠٧
نه برباد رفتى سحركاه وشام
سرير سليمان عليه السلام
باخر نه ديدى كه برباد رفست
خنك آنكه بادانش وداد وفست
﴿وَكُنَّا بِكُلِّ شَىْءٍ عَـالِمِينَ﴾ فنجريه على ما يقتضي علمنا وحكمتنا ﴿وَمِنَ الشَّيَـاطِينِ﴾ أي : وسخرنا له من الشياطين ﴿مَن يَغُوصُونَ لَهُ﴾ أي : يدخلون تحت البحر ويستخرجون له من نفائسه.
قال الراغب الغوص الدخول تحت الماء وإخراج شيء منه ويقال لك من هجم على غامض فأخرجه غائص عيناً كان أو علماً والغواص الذي يكثر منه ذلك ﴿وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَالِكَ﴾ أي : غير ما ذكر من بناء المدن والقصور واختراع الصنائع الغريبة وهؤلاء إما الفرقة الأولى أو غيرها لعموم كلمة من كأنه قيل ومن يعملون.


الصفحة التالية
Icon