عليه السلام ثنتين وسبعين وأمة محمد صلى الله عليه وسلّم ثلاثاً وسبعين كلهم في النار إلا واحدة وهي التي لا يشوبون ما عين الله ورسوله بشيء من الهوى ﴿كُلٌّ﴾ أي : كل واحدة من الفرق المتقطعة ﴿إِلَيْنَآ﴾ لا إلى غيرنا ﴿رَاجِعُونَ﴾ بالبعث فنجازيهم حينئذٍ بحسب أعمالهم.
وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى أن الخلق تفرقوا في أمرهم فمنهم من طلب الدنيا، ومنهم من طلب الآخرة، ومنهم من طلب الله تعالى ثم قال :﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾ فأما طالب الدنيا فراجع إلى صورة قهرنا وهي جهنم وأما طالب الآخرة فراجع إلى صورة لطفنا وهي الجنة وأما طالبنا فراجع إلى وحدانيتنا ثم فصل الجزاء بقوله :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٢٠
﴿فَمَنْ﴾ (س هركه) ﴿يَعْمَلْ مِنَ الصَّـالِحَـاتِ﴾ أي : بعض الصالحات ﴿وَهُوَ﴾ أي : والحال أنه ﴿مُؤْمِنٍ﴾ بالله ورسله ﴿فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾ أي : لا حرمان لثواب عمله استعير لمنع الثواب كما استعير الشكر لإعطائه يعني شبه رد العمل ومنع الثواب بالكفران الذي هو ستر النعمة وإنكارها وشبه قبول العمل وإعطاء الثواب بمقابلته بشكر المنعم عليه للنعم فأطلق عليه الشكر كما قال :﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ (فاطر : ٣٤) والسعي في الأصل المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد في الأمر خيراً كان أو شراً وأكثر ما يستعمل في الأفعال المحدودة ﴿وَإِنَّا لَهُ﴾ أي : لسعيه ﴿كَـاتِبُونَ﴾ أي : مثبتون في صحائف أعمالهم لا نغادر من ذلك شيئاً (مزدكار نيكوان ضائع نباشد نزد حق) لا يضيع الله في الدارين أجر المحسنين.
﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـاهَآ أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ حرام خبر لقوله أنهم لا يرجعون والجملة لتقرير مضمون ما قبلها من قوله كل إلينا راجعون والحرمان مستعار لممتنع الوجود بجامع أن كل واحد منهما غير مرجو الحصول.
والقرية اسم للمصر الجامع كما في "القاموس" واسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس كما في "المفردات" فعلى هذا تطلق على ما يعبر عنه بالفارسية (سبهر وكوى) ومعنى التحقيق في أنّ معتبر في النفي المستفاد من حرام على أن المعنى وممتنع البتة على أهل القرية المهلكة عدم رجوعهم إلينا للجزاء لا في المنفي على معنى أن عدم رجوعهم المحقق ممتنع وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله كل إلينا راجعون لأنهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٢٢
وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى قلوب أهل الأهواء والبدع المهلكة باعتقاد السوء ومخالفات الشرع إنهم لا يتوبون إلى الله ولا يرجعون إلى الحق يدل على هذا التأويل قوله تعالى :﴿أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـاهَه هَوَاـاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ (الجاثية : ٢٣).
﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ حتى هنا ليس بحرف جر ولا حرف عطف بل حرف يبتدأ بعدها الكلام غاية لما يدل عليه ما قبلها كأنه قيل يستمرون على ما هم عليه من الهلاك حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا ويقولون يا وَيْلَنَا} الخ وإذا شرطية ويأجوج ومأجوج قبيلتان من الإنس يقال الناس عشرة أجزاء : تسعة منها يأجوج ومأجوج والمراد بفتحها فتح سدها على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه وقد سبق قصة يأجوج ومأجوج وبناء السد عليهم وفتحه في آخر الزمان في سورة الكهف ﴿وَهُمْ﴾ أي : والحال أن يأجوج ومأجوج ﴿مِّن كُلِّ حَدَبٍ﴾ مرتفع من الأرض
٥٢٢
وتل.
قال الراغب : يجوز أن يكون الأصل في الحدب حدب الظهر وهو خروجه ودخول الصدر والبطن ثم شبه به ما ارتفع من الأرض فسمى حدباً ومنه محدب الفلك ﴿يَنسِلُونَ﴾ ينزلون مسرعين وأصله مقاربة الخطو مع الإسراع.
وفي "بحر العلوم" من نسل الذئب إذا أسرع في مشيه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٢٢