ـ روي ـ أنهم يسيرون في الأرض ويقبلون على الناس من كل موضع مرتفع.
قال الكاشفي :(همه عالم را فرا كيرند وآبهاى درياها تمامى بياشامند وازخشك وتر هره يابند بخورند) ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ عطف على فتحت والمراد ما بعد النفخة الثانية من البعث والحساب والجزاء ﴿فَإِذَا هِىَ شَـاخِصَةٌ أَبْصَـارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ جواب الشرط وإذا للمفاجأة والضمير للقصة وشاخصة خبر مقدم لأبصار والجملة خبر ضمير القصة مفسرة له يقال شخص بصره فهو شاخص إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف وبصره رفعه وشخص شخوصاً ارتفع والمعنى بالفارسية (س آنجا قصه آنست كه خيره وبازمانده است ازهول رستخيز ديدهاى كفار) وفي الآية دلالة على أن قيام الساعة لا يتأخر عن خروج يأجوج ومأجوج كما روي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : لو أن رجلاً اقتنى فلواً بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة والفلو المهر أي : ولد الفرس.
فإن قيل فتح السد واقتراب الوعد الحق يحصل في آخر أيام الدنيا والجزاء وشخوص الأبصار إنما يحصل يوم القيامة والشرط والجزاء لا بد وأن يكونا متقاربين.
فالجواب أن التفاوت القليل يجري مجرى العدم يا وَيْلَنَا} (واى برما) وهو على تقدير قول وقع حالاً من الموصول أي : يقولون يا ويلنا تعال فهذا أوان حضورك ﴿قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ﴾ تامة في الدنيا والغفلة سهو يعتري من قلة التحفظ والتيقظ ﴿مِّنْ هَـاذَا﴾ أي : من البعث والرجوع إليه للجزاء ولم نعلم أنه حق ﴿بَلْ كُنَّا ظَـالِمِينَ﴾ إضراب عما قبله من وصف أنفسهم بالغفلة أي : لم نكن غافلين عنه حيث نبهنا عليه بالآيات والنذر بل كنا ظالمين بتلك الآيات والنذر مكذبين بها أو ظالمين لأنفسنا بتعريضها للعذاب الخالد بالتكذيب فليتفكر العاقل في هذا البيان والتذكار فقد نبه الله وقطع الأعذار وفي الحديث :"يقول الله يا معشر الجن والإنس إني قد نصحت لكم فإنما هي أعمالكم في صحفكم فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
وعن بعض الحكماء أنه نظر إلى أناس يترحمون على ميت خلف جنازته فقال : لو تترحمون على أنفسكم لكان خيراً لكم أما أنه قد مات ونجا من ثلاثة أهوال : أولها رؤية ملك الموت، والثاني مرارة الموت، والثالث خوف الخاتمة، قال الشيخ سعدي :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٢٢
خبر دارى أي : استخواني قفس
كه جان تو مرغيست نامش نفس
و مرغ از قفس رفت بكسست قيد
دكرره نكردد بسعى توصيد
سر ازجيب غفلت بر آورد كنون
كه فردا نماند يخجلت نكون
اكر مرد مسكين زنان داشتى
بفرياد وزارى فغان داشتى
كه اى زنده ون هست امكان كفت
لب از ذكر ون مرده برهم مخفت
جو مارا بغفلت بشد روزكار
توبارى دمى ند فرصت شمار
﴿إِنَّكُمْ﴾ يا أهل مكة ﴿وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أي : والأصنام التي تعبدونها متجاوزين
٥٢٣
عبادة الله تعالى وذلك بشهادة ما فإنها لما لا يعقل فخرج عزير وعيسى والملائكة ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ بفتح المهملتين اسم لما يحصب أي : يرمي في النار فتهيج به من حصبه إذا رماه بالحصباه ولا يقال له حصب إلا وهو في النار وأما قبل ذلك فيقال له حطب وشجر وخشب ونحو ذلك والمعنى تحصبون في جهنم وترمون فتكونون وقودها.
وهو بالفارسية (آتش انكيز) ﴿أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ داخلون على طريق الخلود والخطاب لهم ولما يعبدون تغليباً (درتبيان كفته كه حكمت ايراد بتان بدوزخ زيادت تعذيب بت رستانست ه بدانها آتش افروخته كردد واحتراق ايشان بيفزايد).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٢٢
﴿لَوْ كَانَ هَـاؤُلاءِ﴾ الأصنام ﴿ءَالِهَةً﴾ على الحقيقة كما يزعمون ﴿مَّا وَرَدُوهَا﴾ ما دخلوها وحيث تبين ورودهم إياها تعين امتناع كونهم آلهة بالضرورة ﴿وَكُلٌّ﴾ من العابدين والمعبودين ﴿فِيهَا خَـالِدُونَ﴾ لا خلاص لهم منها ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ﴾ الزفير ترديد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه أي : أنين وتنفس شديد وهو مع كونه من أفعال العبدة أضيف إلى الكف للتغليب ﴿وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ﴾ أي : لا يسمع بعضهم زفير بعض لشدة الهول وفظاعة العذاب.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه يجعلون في توابيت من نار ثم تجعل تلك التوابيت في توابيت أخرى ثم تلك في أخرى عليها مسامير من نار فلا يسمعون شيئاً ولا يرى أحد منهم أن في النار أحداً يعذب غيره ثم بين أحوال أضداد هؤلاء فقال :