جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٢
هركج سعادت كه خدا داد بحافظ
ازيمن دعاى شب وورد سحرى بود
قال :"ثم انتهيت إلى آدم فإذا هو كهيئة يوم خلقه الله تعالى" أي : على غاية من الحسن والجمال "وكان تسبيحه سبحان الجليل الأجل سبحان الواسع الغنى سبحان الله العظيم وبحمده فإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة خرجت من جسد طيب اجعلوها في عليين وتعرض عليه أرواح ذريته الكفار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة خرجت من جسد خبيث اجعلوها في سجين".
فإن قلت أرواح الكفار لا تفتح لها أبواب السماء فكيف تعرض عليه وهو في السماء.
قلت : المراد بعض أرواح ذريته الكفار يقع نظره عليها وهي دون السماء لأنها شفافة.
فإن قلت : ما ذكر يقتضي أن يكون أرواح المؤمنين كلهم في عليين في السماء الرابعة وقد ثبت أن أرواح العصاة محبوسة بين السماء والأرض.
قلت : التحقيق أن مبدأ مراتب السعداء من السماء الدنيا على درجات متفاوتة إلى عليين ومبدأ مراتب الأشقياء من مقعر سماء الدنيا إلى منازل مختلفة إلى سجين تحت السابعة وهو مسكن إبليس وذريته فمراتب أرواح الكفار أنزل من مراتب أرواح عصاة المؤمنين تلتحق بعد التهذيب إلى مقارها العلوية قال عليه السلام :"فتقدمت إليه وسلمت عليه فقال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح" أي : لقيت رحباً وسعة وكان مقره فلك القمر لمناسبته في السرعة فإن القمر يسير في الشهر ما يسير الشمس في السنة من المنازل فناسب في سرعة حركاته حركاته الذهنية وانتقالاته الباطنية وموجب هذه الرؤية الخاصة أي : رؤيته عليه السلام لآدم في السماء الدنيا دون غيره من الأنبياء عليهم السلام مناسبة صفاتية أو فعلية أو حالية فلا تنافي أن يشارك
١١٤
آدم في هذه السماء غيره من بعض الأنبياء وقس عليها الرؤية فيما فوقها من السموات كما سيجيىء.
قال في تفسير "المناسبات" في سورة النجم فأول ما رأى صلى الله عليه وسلّم من الأنبياء عليهم السلام آدم عليه السلام الذي كان في أمن الله وجواره فأخرجه إبليس عدوه منهما وهذه القصة تشبهها الحالة الأولى من أحوال النبي عليه السلام حين أخرجه أعداؤه من حرم الله وجوار بيته فأشبهت قصته في هذا قصة آدم مع أن آدم يعرض عليه ذريته البر والفاجر منهم فكان في السماء الدنيا بحيث يرى الفريقين لأن أرواح أهل الشقاء لا تلج في السماء ولا تفتح لهم أبوابها انتهى قال عليه السلام :"ورأيت رجالاً لهم مشافر كمشافر الإبل" أي : كشفاه الإبل "وفي أيديهم قطع من نار كالأفهار" أي الحجارة "التي كل واحد منها ملىء الكف يقذفونها في أفواههم تخرج من أدبارهم قلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : أكلة أموال اليتامى ظلماً" وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم في الأرض ولعل المراد بالرجال الأشخاص أو خصوا بذلك لأنهم أولياء للأيتام غالباً "ثم رأيت رجالاً لهم بطون أمثال البيوت فيها حيات ترى من خارج البطون بطريق آل فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يعرضون على النار لا يقدرون أن يتحولوا من مكانهم ذلك" أي : فتأطهم آل فرعون الموصوفون بما ذكر المقضتي لشدة وطئهم لهم والمهيومة التي أصابها الهيام وهو داء يأخذ الإبل فتهيم في الأرض ولا ترعى أو العطاش والهيام شدة العطش.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٢


الصفحة التالية
Icon