وفي رواية "كلما نهض أحدهم خر" أي : سقط "قلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء أكلة الربا" وتقدمت رؤيته عليه السلام لهم في الأرض لا بهذا الوصف بل أن الواحد منهم يسبح في نهر من دم يلقم الحجارة ولا مانع من اجتماع الوصفين لهم أي : فيخرجون من ذلك النهر ويلقون في طريق من ذكر وهكذا عذابهم دائماً "ثم رأيت أخونة عليها لحم طيب ليس عليها أحد وأخرى عليها لحم منتن عليها ناس يأكلون قلت : يا جبريل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء الذين يتركون الحلال ويأكلون الحرام" أي : من الأموال أعم مما قبله وهؤلاء لم يتقدم رؤيته لهم في الأرض "ثم رأيت نساء متعلقات بثديهن فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال ما ليس من أولادهن أي : بسبب زناهن" وفي رواية "أنه عليه السلام رأى في هذه السماء النيل والفرات" وذلك لأن منبعهما من تحت سدرة المنتهى ويمران في الجنة ويجاوزانها إلى السماء الدنيا فينصبان إلى الأرض من طرق العالم فيجريان.
وفي زيادة "الجامع الصغير" "إن النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يسيح لوجدتم فيه من ورقها" قال صلى الله عليه وسلّم "ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل قيل : ومن معك؟ قال : محمد قيل : أوقد بعث إليه؟ قال : نعم ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهم السلام" أي : شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما "ومعهما نفر من قومهما فرحبا بي ودعوا لي بخير" وكونهما ابن الخالة أي : أن أم كل خالة الآخر هو المشهور والتفصيل في آل عمران.
قال في "تفسير المناسبات" ثم رأى في الثانية عيسى ويحيى وهما الممتحنان باليهود أما عيسى فكذبته اليهود وآذته وهموا بقتله فرفعه الله وأما يحيى فقتلوه، قال في "المثنوي" :
١١٥
ون سفيها نراست اين كاروكيا
لازم آمد يقتلون الأنبياء
ورسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد انتقاله إلى المدنية صار إلى حالة ثانية من الامتحان وكانت محنته فيها باليهود وآذوه وظاهروا عليه وهموا بإلقاء الصخرة عليه ليقتلوه فنجاه الله كما نجى عيسى منهم ثم سموه في الشاة فلم تزل تلك الأكلة تعاده حتى قطعت أبهره كما قال عند الموت وهكذا فعلوا بابني الخالة عيسى ويحيى.
قوله تعاده يقال عادته اللسعة إذا أتته لعداد بالكسر أي : لوقت وفي الحديث :"ما زالت أكلة خيبر تعادني فهذا أوان قطعت أبهري" وهو عرق في الظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه وذلك أن يهودية أتت رسول الله بشاة مسمومة فأكل منها وأكل القوم فقال عليه السلام :"ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة" فمات بشر بن البراء منه فجيىء بها إلى رسول الله فسألها عن ذلك فقالت : أردت أن أقتلك فقال عليه السلام :"ما كان الله ليسلط على ذلك" أي : على قتلي.
قال الشيخ افتاده قدس سره : وإنما لم يؤثر السم فيه عليه السلام إلى الاحتضار لأن إرشاده عليه السلام وإن كان في عالم التنزل غير أن تنزله كان من مرتبة الروح وهي أعدل المراتب فلم يؤثر فيه إلى الاحتضار فلما احتضر تنزل إلى أدنى المراتب لأن الموت إنما يجري على البشرية فلما تنزل إلى تلك المرتبة أثر فيه "ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل : من هذا؟ قال جبريل قيل : ومن معك قال : محمد قيل : أوقد بعث إليه؟ قال : نعم ففتح لنا فإذا أنا بيوسف عليه السلام ومعه نفر من قومه وإذا هو أعطى شطر الحسن" أي : نصف الحسن الذي أعطيه الناس غير نبينا عليه السلام وفي كلام بعضهم أعطى شطر الحسن الذي أوتيه نبينا عليه السلام وكان نبينا عليه السلام أملح وإن كان يوسف أبيض، قال المولى الجامي :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٢
دبير صنع نوشت است كرد عارض تو
بمشك ناب كه الحسن والملاحة لك