قال الإمام النووي الراجح عند أكثر العلماء أنه رأى ربه بعيني رأسه، يقول الفقير : يعني بسره وروحه في صورة الجسم بأن كان كل جزء منه سمعاً واتحد البصر بالبصيرة فهي رؤية بهما معاً من غير تكييف فافهم فإنه جملة ما يتفصل.
فإن قلت : ما الفرق بين الأنبياء وبين نبينا عليه السلام في باب الرؤية فإنهم يرونه ويشاهدونه حال الانسلاخ الكلي.
قلت ما حصل لنبينا عليه السلام فوق الانسلاخ إذ الرؤية في صورة الانسلاخ إنما هي بالبصيرة فقط وأما رؤيته تعالى في الجنة فقيل لا يراه الملائكة وقيل يراه منهم جبريل خاصة مرة واحدة.
قال بعضهم وقياس عدم رؤية الملائكة عدم رؤية الجن له تعالى ورد ذلك.
يقول الفقير : لعل وجه الاختلاف عند الحقيقة أن الملائكة والجن على جناح واحد وهو الجمال والإنس على جناحين وهما الجمال والجلال المقول لهما الكمال فلا يرونه تعالى من مرتبة مؤمني الإنس وإنما يشاهدونه تعالى من مرتبة أنفسهم فافهم وأما أنه ليس لهم مشاهدة أصلاً فلا مساعدة له بوجه من الوجوه واتفق العلماء على جواز رؤية الله تعالى في المنام وصحتها أي وقوعها لأن ذلك المرئى أنما هو صفة من صفات الله تعالى.
ـ روي ـ عن أبي يزيد البسطامي قدس سره أنه قال : رأيت ربي في المنام فقلت له : كيف الطريق إليك؟ فقال : اترك نفسك ثم تعال.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٢
ـ وروي ـ أن حمزة القارىء قرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره في المنام حتى إذا بلغ إلى قوله :﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ (الأنعام : ١٨) قال الله تعالى : قل يا حمزة وأنت القاهر، يقول الفقير : سمعت من شيخي وسندي قدس سره أن شيخه عبد الله الشهير بذاكر زاده روح الله روحه أراد أن يستخلفه فامتنع عليه فرأى في تلك الليلة في المنام أن الله تعالى أعطاه المصحف وقال له خذ هذا وادع عبادي إليّ وكان من آثار هذا المنام أن الله تعالى وفقه لإحياء العلم والدعوة إلى الله في المراتب الأربع وزاد خلفاؤه على المائة والخمسين كلهم من أهل التفسير ولم يتيسر هذا المقام لغيره من مشايخ العصر قال عليه السلام :
١٢٢
"فرض الله عليّ خمسين صلاة في كل يوم وليلة" قيل : كانت كل صلاة منها ركعتين ألا يرى أنه من قالعليّ صلاة يلزمه ركعتان ويخالفه ما قالوا : إنه عليه السلام كان يصلي كل يوم وليلة ما يبلغ إلى خمسين صلاة وفق ما فرض ليلة المعراج فالظاهر أن هذه الخمسين باعتبار الركعتان لأنه هو المضبوط عنه عليه السلام يعني كان يصلي في اليوم والليلة من الفرائض والنوافل خمسين ركعة وصرح بعضهم بأن المراد الخمسون وقتاً فالظاهر أن كل وقت كان مشتملاً على ركعتين لأن الصلاة في الأصل كانت ركعتين ركعتين ثم زيدت في الحضر وأقرت في السفر قال عليه السلام :"فنزلت إلى إبراهيم فلم يقل شيئاً ثم أتيت موسى" أي في الفلك السادس "فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة" يعني مارستهم ولقيت الشدة فيما أردت فيهم من الطاعة قال عليه السلام :"فرجعت إلى ربي" يعني رجعت إلى الموضع الذي ناجيت ربي فيه وهو سدرة المنتهى "فخررت ساجداً فقلت : أي ربي خفف عن أمتي فحط عني خمساً فرجعت إلى موسى وأخبرته قال : إن أمتك لا تطيق ذلك قال : فلم أزل أرجع بين ربي وموسى ويحط خمساً خمساً حتى قال موسى : بم أمرت؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم قال : ارجع فاسأله التخفيف فقلت : قد راجعت ربي حتى استحييت ولكن أرضى وأسلم" يعني : فلا أرجع فإن رجعت كنت غير راض ولا مسلم ولكن أرضى بما قضي الله وأسلم أمري وأمرهم إلى الله "فلما جاوزت نادى منادٍ أمضيت فريضتي" يعني قال الله تعالى : يا محمد هي خمس صلوات في كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة كما قال :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٢