المقدس على البراق ومن بيت المقدس إلى السماء الدنيا على المعراج ومنها إلى السماء السابعة على جناح الملائكة ومنها إلى السدرة على جناح جبريل ومنها إلى العرش على الرفرف والظاهر أن النزول كان على هذا الترتيب.
وقال بعض الأكابر من أهل الله أنه أسري به إلى السدرة على البراق وأياماً كان فلما نزل إلى السماء الدنيا نظر إلى أسفل منه فإذا هو بهرج ودخان وأصوات فقال : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم حتى لا ينظروا إلى العلامات ولا يتفكروا في ملكوت السموات ولولا ذلك لرأوا العجائب أي أدركوها ونزل عليه السلام إلى بيت المقدس وتوجه إلى مكة وهو على البراق حتى وصل إلى بيته الأشرف بالحرم المكي الأحمى بحجر الكعبة العظيمة أو إلى بيت أم هاني كما يدل عليه ما يجيىء من تقرير القصة وكان زمان ذهابه ومجيئه ثلاث ساعات أو أربع ساعات.
وفي كلام السبكي أن ذلك كان قدر لحظة ولا بدع لأن الله تعالى قد يطيل الزمن القصير كما يطوي الطويل لمن يشاء.
ـ روي ـ في مناقب الشيخ موسى السدراني من أكابر أصحاب الشيخ أبي مدين قدس الله سرهما أن له ورداً في اليوم والليلة سبعين ألف ختمة.
يقول الفقير : قال شيخي وسندي قدس سره في الكلام عليه : إن اليوم والليلة أربع وعشرون ساعة فيكون في كل اثنتي عشرة ساعة خمس وثلاثون ألف ختمة لأنه إما أن ينبسط إلى ثلاث وأربعين سنة وتسعة أشهر وأما إلى أكثر وعلى التقدير الأول يكون اليوم والليلة منبسطاً إلى سبع وثمانين سنة وستة أشهر فيكون في كل يوم وليلة من أيام السنين المنبسطة إليها ولياليها ختمتان ختمة في اليوم وختمة في الليلة كما هو العادة ويحتمل التوجيه بأقل من ذلك باعتبار سرعة القاري هذا فإنه صدق وقد كوشف لي هكذا وقد صدقته وقبلته وهذا سر عظيم انتهى كلام الشيخ، وقد ثبت في الهندسة أن ما بين طرفي قرص الشمس أي عظمه وسعته ضعف ما بين طرفي كرة الأرض مائة ونيفاً وستين مرة ثم أن طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى في أقل من ثانية وهي جزء من ستين جزأ من الدقيقة والدقيقة جزء من ستين جزأ من الدرجة وهي جزء من خمسة عشر جزأ من الساعة فإذا كانت هذه السرعة ممكنة للجماد فكيف لا يمكن لأفضل العباد إذا أراد رب البلاد والله تعالى قادر على جميع الممكنات فيقدر أن يخلق مثل هذه الحركة في جسد النبي عليه السلام أو فيما يحمله.
قال حضرة الشيخ الشهير بافتاده أفندي قدس سره قد ذهب عليه السلام وجاء ولم يتم ماء إبريقه انصباباً ومن كان مؤمناً لا ينكر المعراج ولكن وقوع السير المذكور في مقدار ذلك الزمن اليسير يشكل عند العقل بحسب الظاهر وأما عند التحقيق فلا إشكال ألا يرى أن في الوجود الإنساني شيئاً لطيفاً أعني القلب يسير من المشرق إلى المغرب بل جميع العوالم في آن واحد وهو بديهي لا ينكره من له أدنى تمييز حتى البله والصبيان أفلا يجوز أن تحصل تلك اللطافة لوجود النبي صلى الله عليه وسلّم بقدرة الله تعالى فوقع ما وقع منه في الزمن اليسير :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٢
راه زاندازه برون رفته
ى نتوان بردكه ون رفته
عقل درين واقعه حاشا كند
عقل نه حاشا كه تمنا كند
ـ روي ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما رجع من ليلته قص القصة على أم هانىء وقال :"إني أريد أن أخرج إلى قريش فأخبرهم بذلك" فقالت : أنشدك الله أي بفتح الهمزة أي أسألك بالله ابن عم أي يا ابن عمي أن لا تحدث أي لا تحدث بهذا قريشاً فيكذبك من صدقك فلما كان الغداة تعلقت بردائه فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدها وانتهى إلى نفر من قريش في الحطيم هو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود وأولئك النفر مطعم بن عدي وأبو جهل بن هشام والوليد بن المغيرة فقال :"إني صليت العشاء" أي أوقعت صلاة في ذلك الوقت "في هذا المسجد وصليت به الغداة" أي أوقعت صلاة في ذلك الوقت وإلا فصلاة العشاء لم تكن فرضت وكذا صلاة الغداة
١٢٥


الصفحة التالية
Icon