إلى أسفل سافلين الأجساد والله يعلم ما تبدون من تصرفاتكم بالآلات الإنسانية وما تكتمون من نياتكم أنها لطلب رضى الله تعالى أو لهوى نفوسكم انتهى.
قال الجامي قدس سره :
جيت خاص أست كه كنج كهر اخلاص است
نيست اين درثمين دربغل هردغلي
﴿قُلْ﴾ يا محمد ﴿لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ حذف مفعول الأمر تعويلاً على دلالة جوابه عليه أي قل لهم : غضوا ﴿يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَـارِهِمْ﴾ عما يحرم.
وبالفارسية (بوشند ديدهاى خودرا ازديدن نا محرم كه نظر سبب فتنه است).
والغض إطباق الجفن بحيث يمنع الرؤية ولما كان ما حرم النظر إليه بعضاً من جملة المبصرات تبعض البصر باعتبار تبعض متعلقه فجعل ما تعلق بالمحرم بعضاً من البصر وأمر بغضه ﴿وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ عمن لا يحل أو يستروها حتى لا تظهر والفرج الشق بين الشيئين كفرجة الحائط والفرج ما بين الرجلين وكني به عن السوءة وكثر حتى صار كالصريح فيه أتى بمن التبعيضية في جانب الأبصار دون الفروج مع أن المأمور به حفظ كل واحد منهما عن بعض ما تعلقا به فإن المستثنى من البصر كثير فإن الرجل يحل له النظر إلى جميع أعضاء أزواجه وأعضاء ما ملكت يمينه وكذا لا بأس عليه في النظر إلى شعور محارمه وصدورهن وثديهن وأعضائهن وسوقهن وأرجلهن وكذا من أمة الغير حال عرضها للبيع ومن الحرة الأجنبية إلى وجهها وكفيها وقدميها في رواية في القدم بخلاف المستثنى من الفرج فإنه شيء نادر قليل وهو فرج زوجته وأمته فلذلك أطلق لفظ الفرج ولم يقيد بما استثنى منه لقلته وقيد غض البصر بحرف التبعض ﴿ذَالِكَ﴾ أي ما ذكر من الغض والحفظ.
﴿أَزْكَى لَهُمْ﴾ أي أطهر لهم من دنس الريبة ﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرُا بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ لا يخفى عليه شيء فليكونوا على حذر منه في كل حركة وسكون روي : عن عيسى ابن مريم عليهما السلام أنه قال : إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب شهوة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٣٩
قال الكاشفي (در ذخيرة الملوك آورده كه تيزرو ترين يكى شيطائرا درو جود إنسان شم است زيرا حواس ديكر درمسما كن خود اند وتا يري بديشان نميررسد باستدراج آن مشغول نميتوانند شد اماديده حاسه ايست كه ازدور ونزديك ابتلا وانام راصيد ميكند) :
اين همه آفت كه بتن ميرسد
از نظر توبه شكن ميرسد
ديده فرووش ودر در صدق
تانشوى تير بلارا هدف
وفي "النصاب" : النظرة الأولى عفو والذي يليها عمد وفي الأثر :"يا ابن آدم لك النظرة الأولى فما بال الثانية" وفي الحديث :"اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا ما اؤتمنتم واحفظوا فروجكم وغضّوا أبصاركم وكفوا أيديكم"، وفي الحديث :"بينما رجل يصلي إذ مرت به امرأة فنظر إليها واتبعها بصره فذهبت عيناه".
قال الشيخ نجم الدين في "تأويلاته" : يشير إلى غض أبصار الظواهر من المحرمات وأبصار النفوس عن شهوات الدنيا ومألوفات الطبع ومستحسنات الهوى وأبصار القلوب عن رؤية الأعمال ونعيم الآخرة وأبصار الأسرار عن الدرجات والقربات وأبصار الأرواح عن الالتفات لما سوى الله وأبصار الهمم عن العلل بأن لا يروا أنفسهم أهلاً للشهود من الحق سبحانه غيرة عليه
١٤٠
تعظيماً واجلالاً ويشير أيضاً إلى حفظ فروج الظواهر عن المحرمات وفروج البواطن عن التصرفات في الكونين لعله دنيوية أو أخروية.
﴿ذَالِكَ أَزْكَى لَهُمْ﴾ صيانة عن تلوث الحدوث ورعاية للحقوق عن شوب الحظوظ.
﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرُا بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ يعملون للحقوق والحظوظ اللهم اجعلنا من الذين يراعون الحقوق في كل عمل.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٣٩
﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَـاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـارِهِنَّ﴾ فلا ينظرن إلى ما لا يحل لهن النظر إليه من الرجل وهي العورة عند أبي حنيفة وأحمد.
وعند مالك ما عدا الوجه والأطراف والأصح من مذهب الشافعي أنها لا تنظر إليه كما لا ينظر هو إليها ﴿وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ بالتصون عن الزنى أو بالتستر ولا خلاف بين الأئمة في وجوب ستر العورة عن اعين الناس.
واختلفوا في العورة ما هي فقال أبو حنيفة عورة الرجل ما تحت سرته إلى تحت ركبته والركبة عورة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١


الصفحة التالية
Icon