ابن الشيخ : فإن قيل : ما الفائدة في تخصيص الإماء بالذكر بعد قوله ﴿أَوْ نِسَآاـاِهِنَّ﴾ فالجواب والله أعلم أنه تعالى لما قال : أو نسائهن دل ذلك على أن المرأة لا يحل لها أن تبدي زينتها للكافرات سواء كن حرائر أو إماء لغيرها أو لنفسها فلما قال :﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُنَّ﴾ مطلقاً أي مؤمنات كنّ أو مشركات علم أنه يحل للأمة أن تنظر إلى زينة سيدتها مسلمة كانت الأمة أو كافرة لما في كشف مواضع الزينة الباطنة لأمتها الكافرة في أحوال استخدامها إياها من الضرورة التي لا تخفى ففارقت الحرة الكافرة بذلك.
﴿أَوِ التَّـابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الارْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ الإربة الحاجة، أي الرجال الذين هم أتباع أهل البيت لا حاجة لهم في النساء وهم الشيوخ الاهمام والممسوخون بالخاء المعجمة وهم الذين حولت قوتهم وأعضاؤهم عن سلامتها الأصلية إلى الحالة المنافية لها المانعة من أن تكون لهم حاجة في النساء وأن يكون لهن حاجة فيهم ويقال للممسوخ المخنث وهو الذي في أعضائه لين وفي لسانه تكسر بأصل الخلقة فلا يشتهي النساء وفي المجبوب والخصي خلاف والمجبوب من قطع ذكره وخصيتاه معاً من الجب وهو القطع والخصى من قطع خصيتاه والمختار أن الخصى والمجبوب والعنين في حرمة النظر كغيرهم من الفحولة لأنهم يشتهون ويشتهون وإن لم تساعد لهم الآلة.
يعني (ايشانرا آرزوى مباشرت هست غايتش آنكه أنابي بران نيست).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١
قال بعضهم : قوله تعالى :﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَـارِهِمْ﴾ محكم وقوله ﴿التَّـابِعِينَ﴾ مجمل والعمل بالمحكم أولى فلا رخصة للمذكورين من الخصي ونحوه في النظر إلى محاسن النساء وإن لم يكن هناك احتمال الفتنة.
وفي "الكشاف" : لا يحل إمساك الخصيان واستخدامهم وبيعهم وشراؤهم ولم ينقل عن أحد من السلف إمساكهم انتهى.
وفي "النصاب" : قرأت في بعض الكتب أن معاوية دخل على النساء ومعه خصي مجبوب فنفرت منه امرأة فقال معاوية : إنما هو بمنزلة امرأة فقالت : أترى أن المثلة به قد احلت ما حرم الله من النظر فتعجب من فطنتها وفقهها انتهى.
وفي "البستان" : أنه لا يجوز خصاء بني آدم لأنه لا منفعة فيه لأنه لا يجوز للخصي أن ينظر إلى النساء كما لا يجوز للفحل بخلاف خصاء سائر الحيوانات ألا ترى أن خصي الغنم أطيب لحماً وأكثر شحماً وقس عليه غيره.
﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ﴾ لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والقدرة.
وبالفارسية (تمييز ندارند وازحال مباشرت بي خبرند با آنكه قادر نيستند براتيان زنان يعني بالغ نشده وبحد شهوت نرسيده) والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف كالعدو في قوله تعالى :﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّى﴾.
قال في "المفردات" : الطفل الولد ما دام ناعماً والطفيلي رجل معروف بحضور الدعوات.
وفي "تفسير الفاتحة" : للمولى الفناري حد الطفل من أول ما يولد إلى أن يستهل صارخاً إلى انقضاء ستة أعوام انتهى.
والعورة سوءة الإنسان وذلك كناية وأصلها من العار وذلك لما يلحق في ظهورها من العار أي المذمة ولذلك سمى النساء عورة ومن ذلك العوراء أي الكلمة القبيحة كما في "المفردات".
قال في "فتح القريب" : العورة كل ما يستحيى منه إذا ظهر وفي الحديث :"المرأة عورة جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيى منها كما يستحيى من العورة إذا ظهرت".
قال أهل اللغة : سميت العورة
١٤٤
عورة لقبح ظهورها ولغض الأبصار عنها مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين.
يقول الفقير : يفهم من عبارة الطفل أن التقوى منع الصبيان حضرة النساء بعد سبع سنين فإن ابن السبع وإن لم يكن في حد الشهوة لكنه في حد التمييز مع أن بعض من لم يبلغ حد الحلم مشتهى فلا خير في مخالطة النساء.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١
وفي "ملتقط الناصري" : الغلام إذا بلغ مبلغ الرجال ولم يكن صبيحاً فحكمه حكم الرجال وإن كان صبيحاً فحكمه حكم النساء وهو عورة من قرنه إلى قدمه يعني لا يحل النظر إليه عن شهوة.
فأما السلام والنظر لا عن شهوة فلا بأس به ولهذا لم يؤمر بالنقاب حكي : أن واحداً من العلماء مات فرؤي في المنام وقد اسود وجهه فسئل عن ذلك فقال رأيت غلاماً في موضع كذا فنظرت إليه فاحترق وجهي في النار.
قال القاضي : سمعت الإمام يقول : إن مع كل امرأة شيطانين ومع كل غلام ثمانية عشر شيطاناً.
ويكره مجالسة الأحداث والصبيان والسفهاء لأنه يذهب بالمهابة كما في "البستان".


الصفحة التالية
Icon