قال في "أنوار المشارق" : يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة سواء نظر بشهوة أم لا وسواء أمن من الفتنة أم خافها ويجب على من في الحمام أن يصون نظره ويده وغيرهما عن عورة غيره وأن يصون عورته عن نظر غيره ويجب الإنكار على كاشف العورة ﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ﴾ أي : يخفينه من الرؤية ﴿مِن زِينَتِهِنَّ﴾ أي لا يضربن بأرجلهن الأرض ليتقعقع خلخالهن فيعلم أنهن ذوات خلخال فإن ذلك مما يورث الرجال ميلاً إليهن ويوهم أن لهن ميلاً إليهم وإذا كان إسماع صوت خلخالها للأجانب حراماً كان رفع صوتها بحيث يسمع الأجانب كلامها حراماً بطريق الأولى لأن صوت نفسها أقرب إلى الفتنة من صوت خلخالها ولذلك كرهوا أذان النساء لأنه يحتاج فيه إلى رفع الصوت.
يقول الفقير : وبهذا القياس الخفي ينجلي أمر النساء في باب الذكر الجهري في بعض البلاد فإن الجمعية والجهر في حقهن مما يمنع عنه جداً وهن مرتكبات للإثم العظيم بذلك إذ لو استحب الجمعية والجهر في حقهن لاستحب في حق الصلاة والأذان والتلبية.
قال في "نصاب الاحتساب" : ومما يحتسب على النساء اتخاذ الجلاجل في أرجلهن لأن اتخاذ الجلاجل في رجل الصغير مكروه ففي المرأة البالغة أشد كراهة لأنه مبنى حالهن على التستر ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ إذ لا يكاد يخلو أحدكم من تفريط في أمره ونهيه سيما في الكف عن الشهوات.
وجميعاً حال من فاعل توبوا أي حال كونكم مجتمعين.
وبالفارسية (همه شما) وأيها المؤمنون تأكيد للإيجاب وإيذان بأن وصف الإيمان موجب للامتثال حتماً.
وفي هذه الآية دليل على أن الذنب لا يخرج العبد من الإيمان لأنه قال :﴿أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ بعدما أمر بالتوبة التي تتعلق بالذنب ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ تفوزون بسعادة الدارين وصى الله تعالى جميع المؤمنين بالتوبة والاستغفار لأن العبد الضعيف لا ينفك عن تقصير يقع منه وإن اجتهد في رعاية تكاليف الله تعالى.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١
إمام قشيري رحمه الله تعالى :(فرموده كه محتاجتر بتوبه آنكس است كه خودرا محتاج توبه نداند.
در كشف الأسرار آورده كه همه را از مطيع وعاصي بتوبه أمر فرمود تا عاصي خجل زده نشود ه اكر فرمودى كه أي كنهكاران شما توبه كنيد موجب رسوايى ايشان شدى ون دردنيا ايشانرا
١٤٥
رسوا نمى خواهند اميدهست درعقبى هم رسوا نكند).
و رسوا نكردى بندين خطا
درين عالم يش شاه وكدا
دران عالم هم برخاص وعام
بيامرز ورسوا مكن والسلام
قال في "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن التوبة كما هي واجبة على المبتدىء من ذنوب مثله كذلك لازمة للمتوسط والمنتهي فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :"توبوا إلى الله جميعاً فإني أتوب إليه في كل يوم مائة مرة" فتوبة المبتدىء من المحرمات وتوبة المتوسط من زوائد المحللات وتوبة المنتهي بالإعراض عما سوى الله بكليته والإقبال على الله بكليته ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ففلاح المبتدىء من النار إلى الجنة والمتوسط من أرض الجنة إلى أعلى عليين مقامات القرب ودرجاتها والمنتهي من حبس الوجود المجازي إلى الوجود الحقيقي ومن ظلمة الخلقية إلى نور الربوبية : وفي "المثنوي" :
ون تجلى كرد أوصاف قديم
س بسوزد وصف حادث را كليم
قرب نى بالأستي رفتن است
قرب حق ازحبس هستي رستن است
قال بعض الكبار : أن الله تعالى طالب المؤمنين جميعاً بالتوبة ومن آمن بالله وترك الشرك فقد تاب وصحت توبته ورجوعه إلى الله وإن خطر عليه خاطر أو جرى عليه معصية في حين التوبة فإن المؤمن إذا جرى عليه معصية ضاق صدره واهتم قلبه وندم روحه ورجع سره هذا للعموم والإشارة في الخصوص أن الجميع محجوبون بأصل النكرة وما وجدوا منه من القربة وسكنوا بمقاماتهم ومشاهداتهم ومعرفتهم وتوحيدهم أي أنتم في حجب هذا المقام توبوا منها إليّ فإن رؤيتها أعظم الشرك في المعرفة لأن من ظن أنه واصل فليس له حاصل من معرفة وجوده وكنه جلال عزته فمن هذا أوجب التوبة عليهم في جميع الأنفاس لذلك هجم حبيب الله في بحر الفناء وقال :"أنه ليغان على قلبي وأني لاستغفر الله في كل يوم مائة مرة" ففهم أن عقيب كل توبة توبة حتى تتوب من التوبة وتقع في بحر الفناء من غلبة رؤية القدم والبقاء اللهم اجعلنا فانين باقين ﴿وَأَنكِحُوا الايَـامَى مِنكُمْ﴾ مقلوب أيايم جمع أيم كيتامى مقلوب يتايم جميع يتيم فقلب قلب مكان ثم أبدلت الكسرة فتحة والياء ألفاً فصار أيامى ويتامى والأيم من لا زوج له من الرجال والنساء بكراً كان أو ثيباً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١


الصفحة التالية
Icon