قال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه : إذا نفد عدد حروف بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يكون أوان خروج المهدي من بطن أمه، وقد نظم حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر هذا المعنى في بيتين بقوله :
إذا نفد الزمان على حروف
ببسم اللَّه فالمهدي قاما
ودورات الخروج عقيب صوم
ألا بلغه من عندي سلاماً
ولولا الحسد لظهر سر العدد انتهى.
يقول الفقير : إن اعتبر كل راء مكرراً لأن من صفتها التكرار يبلغ حساب الحروف إلى ألف ومائة وستة وثمانين فالظاهر من حديث الكواشي أن المراد مائة وثمانون بعد الألف وعليه قوله عليه السلام :"خيركم بعد المائتين خفيف الحاذ" قالوا : ما خفيف الحاذ يا رسول الله قال :"الذي لا أهل له ولا ولد".
وفي "التأويلات النجمية" ﴿وَأَنكِحُوا الايَـامَى مِنكُمْ وَالصَّـالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآاـاِكُمْ﴾ يشير إلى المريدين الطالبين وهم محرومون من خدمة شيخ يتصرف فيهم ليودع في أرحام قلوبهم النطفة من صلب الولاية فندبهم إلى طلب شيخ من الرجال البالغين الواصلين الذين بهم تحصل الولادة الثانية في عالم الغيب بالمعنى وهو طفل الولاية كما أن ولادتهم أولى حصلت في عالم الشهادة بالصورة ليكون ولوجهم في الملكوت كما أن عيسى عليه السلام قال لم يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين والنشأة الأخرى عبارة عن الولادة الثانية والعبد في هذا المقام أمن من رجوعه إلى الكفر والموت أما أمنه من الكفر فبقوله تعالى :﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا﴾ (البقرة : ٢٨) يعني : إذ كنتم نطفة.
﴿فَأَحْيَـاكُمْ﴾ بالولادة الأولى ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ بموت الإرادة ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ (البقرة : ٢٨) بالولادة الثانية ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (البقرة : ٢٨) بجذبة ﴿ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً﴾ (الفجر : ٢٨) وأما أمنة من الموت فبقوله تعالى :﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا﴾ (الأنعام : ١٢٢) يعني : بالإرادة من الصفات النفسانية الحيوانية ﴿فَأَحْيَيْنَـاهُ﴾ (الأنعام : ١٢٢) بنور الربوبية.
﴿وَجَعَلْنَا لَه نُورًا يَمْشِي بِه فِى النَّاسِ﴾ (الأنعام : ١٢٢) أي بنور الله فهو حي بحياة الله لا يموت أبداً بل ينقل من دار إلى دار
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١
﴿إِن يَكُونُوا فُقَرَآءَ﴾ معدومي استعداد قبول الفيض الإلهي ﴿يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ بأن يجعلهم مستعدي قبول الفيض فإن الطريق من العبد إلى الله مسدود وإنما الطريق من الله إلى العبد مفتوح بأنه تعالى هو الفتاح وبيده المفتاح ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ﴾ الأرحام القلوب لتستعد لقبول فيضه ﴿عَلِيمٌ﴾ بإيصاله الفيض إليها انتهى.
﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ﴾ إرشاد للعاجزين عن مبادي النكاح وأسبابه إلى ما هو أولى لهم وأحرى بهم بعد بيان جواز مناكحة الفقراء والعفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة والمتعفف المتعاطي لذلك بضرب من الممارسة والقهر والاستعفاف طلب العفة.
والمعنى ليجتهد في العفة وقمع الشهوة.
﴿الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا﴾ أي : أسباب نكاح من مهر ونفقة فإنه لا معنى لوجدان نفس العقد والتزوج وذلك بالصوم كما قال عليه السلام :"ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" معناه أن الصوم يضعف شهوته ويقهرها عن طلب الجماع
١٤٨
فيحصل بذلك صيانة الفرج وعفته فالأمر في محمول على الوجوب في صورة التوقان ﴿حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ فيجدوا ما يتزوجون به.
قال في "ترجمة الفتوحات" :(بعض از صالحاً نرا يزى نبود وزن خواست فرزند آمد وما يحتاج آن نداشت س فرزندرا كرفت وبيرون آمدن وندا كردكه اين جزاى آنكس است كه فرمان حق نبرد كفتند زنا كردة كفت في ولكن حق تعالى فرمود ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ من فرمان نبردم وتزوج كردم وفضيحت شد مردمان بروى شفقت كردند وباخير تمام بمنزل خود بازكشت) أي فكان التزوج سبباً للغنى كما في الآية الأولى.


الصفحة التالية
Icon