قال في "التأويلات النجمية" :﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا﴾ أي : ليحفظ الذين لا يجدون شيخاً في الحال أرحام قلوبهم عن تصرفات الدنيا والهوى والشيطان.
﴿حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ بأن يدلهم على شيخ كامل كما دل موسى على الخضر عليهما السلام، أو يقيض لهم شيخاً كما كان يبعث إلى كل قوم نبياً أو يختص بجذبة عناية من يشاء من عباده كما قال تعالى :﴿يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ (الشورى : ١٣) فلا يخلو حال المستعفف عن هذه الوجوه.
﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَـابَ﴾ (النور : ٣٣) الابتغاء الاجتهاد في الطلب والكتاب مصدر كاتب كالمكاتبة.
أي الذين يطلبون المكاتبة ﴿مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَـانُكُمْ﴾ عبداً كان أو أمة وهي أن يقول المولى لمملوكه : كاتبتك على كذا كذا درهماً تؤديه إليّ وتعتق ويقول المملوك قبلته أو نحو ذلك فإن أداه إليه عتق يقال كاتب عبده كتاباً إذا عاقده على مال منجم يؤديه على نجوم معلومة، فيعتق إذا أدى الجميع فإن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ومعنى المفاعلة في هذا العقد أن المولى يكتب أي يفرض ويوجب على نفسه أن يعتق المكاتب إذا أدى البدل ويكتب العبد على نفسه أن يؤدي البدل من غير إخلال وأيضاً بدل هذا العقد مؤجل منجم على المكاتب والمال المؤجل يكتب فيه كتاب على من عليه المال غالباً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١
وفي "المفردات" : كتابة العبد ابتياع نفسه من سيده بما يؤديه من كسبه واشتقاقها يصح أن يكون من الكتابة التي هي الإيجاب وأن يكون من الكتب الذي هو النظم باللفظ والإنسان يفعل ذلك روي : أن صبيحاً مولى حويطب بن عبد العزى سأل مولاه أن يكاتبه فأبى عليه فنزلت الآية كما في التكملة ﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾ خبر الموصول والفاء لتضمنه معنى الشرط أي فاعطوهم ما يطلبون من الكتابة والأمر فيه للندب لأن الكتابة عقد يتضمن الإرفاق فلا تجب كغيرها ويجوز حالاً ومنجماً وغير منجم عند أبي حنيفة رضي الله عنه.
﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ أي : أمانة ورشداً وقدرة على أداء البدل لتحصيله من وجه الحلال وصلاحاً بحيث لا يؤذي الناس بعد العتق وإطلاق العنان.
قال الجنيد : إن علمتم فيهم علماً بالحق وعملاً به وهو شرط الأمر أي الاستحباب للعقد المستفاد من قوله فكاتبوهم فاللازم من انتفائه انتفاء الاستحباب لا انتفاء الجواز ﴿وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِى ءَاتَـاـاكُمْ﴾ أمر للموالي أمر ندب بأن يدفعوا إلى المكاتبين شيئاً مما أخذوا منهم وفي معناه حط شيء من مال الكتابة وقد قال عليه السلام :"كفى بالمرء من الشح أن يقول آخذ حقي لا اترك منه شيئاً" وفي حديث الأصمعي :"أتى أعرابي قوماً فقال لهم هذا في الحق أو فيما هو خير منه قالوا وما خير من الحق قال التفضل والتفضل أفضل من أخذ الحق كله" كذا في "المقاصد الحسنة" للسخاوي.
قال الكاشفي :(حويطب صبيح را بصد دينار مكاتب ساخنه بود بعد از
١٤٩
استماع اين آيت بيست دينار بدو بخشيد) يعني : وهب له منها عشرين ديناراً فأداها وقتل يوم حنين في الحرب وإضافة المال إليه تعالى ووصفه بإتيانه إياهم للحث على الامتثال بالأمر بتحقيق المأمور به فإن ملاحظة وصول المال إليهم من جهته تعالى مع كونه هو المالك الحقيقي له من أقوى الدواعي إلى صرفه إلى الجهة المأمور بها.
قال بعضهم هو أمر لعامة المسلمين بإعانة المكاتبين بالتصدق عليهم.
يعني (خطاب ﴿وَءَاتُوهُم﴾ راجع بعامه مسلماً نانست كه اعانت كنند أورا زكات بدهند تامال كتابت ادا كند وكردن خودرا از طوق بندكى مخلوق برون آرد وبدين سبب أين خير رافك رقبه مي كويند واز عقبة عقوبت بدان ميتوان كذشت).
بشنو از من نكتة أي زنده دل
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٤١
وز س مركم به نيكى يا دكن
كه بلطف آزاده را بنده ساز
كه بإحسان بندة آزاد كن


الصفحة التالية
Icon