واعلم أن النور على أربعة أوجه : أولها : نور يظهر الأشياء للأبصار وهو لا يراها كنور الشمس وأمثالها فهو يظهر الأشياء المخفية في الظلمة ولا يراها.
وثانيها : نور البصر وهو يظهر الأشياء للأبصار ولكنه يراها وهذا النور أشرف من الأول.
وثالثها : نور العقل وهو يظهر الأشياء المعقولة المخفية في ظلمة الجهر للبصائر وهو يدركها ويراها.
ورابعها : نور الحق تعالى وهو يظهر الأشياء المعدومة المخفية في العدم للأبصار والبصائر من الملك والملكوت وهو يراها في الوجود كما كان يراها في العدم لأنها كانت موجودة في علم الله وإن كانت معدومة في ذواتها فما تغير علم الله ورؤيته بإظهارها في الوجود بل كان التغير راجعاً إلى ذوات الأشياء وصفاتها عند الإيجاد والتكوين فتحقيق قوله تعالى :﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ مظهرهما ومبديهما وموجدهما من العدم بكمال القدرة الأزلية.
در ظلمت عدمهمه بوديم بي خبر
نور وجود سر شهود از تو يافتيم
قال بعض الكبار (در زمان ظلمت هيكس ساكن ازمتحرك نشناسد وعلو از سفل تمييز نكنند وقبيح را ازصبيح باز نداند وون رايت نور ظهور نمود خيل ظلام روى بانهزام آرند ووجودات وكيفيات ظاهر كردد وصفو از كدر وعرض از جوهر متميز شود مدركة انسانية داندكه استفادة اين دانش وتميز بنور كرده أما در أدراك نور متحير باشده داندكه عالم ازنور مملواست واو مخفي ظاهر بدلالات وباطن بالذات س حق سبحانه وتعالى ما بدو دولت ادراك يافته ايم وبمرتبة تميز أشيا رسيده سزاوار آن باشد كه آنرا نور كويند
همه عالم بنور أوست يدا
كجا أو كرد از عالم هويدا
زهى نادانكه أو خورشيد تابان
بنور شمع جويد در بيابان
در تبيان آورده كه مدلول السموات والأرض ه هر دليلى از دلائل قدرت وبدائع حكمت كه دردوا نر سهر برين ومراكز زمين واقعست دلالتي واضح دارد بروجود قدرت وبدائع حكمت او).
ففي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
وجود جملة اشياء دليل قدرت او
وقال سلطان المفسرين ابن عباس رضي الله عنهما : أي هادي أهل السموات والأرض فهم بنوره تعالى يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة ينجون.
يعني (بهدايت أو بهستيء خود راهبردند وبارشاد أو مصالح دين ودنيا بشناسند) ولما وصلوا إلى نور الهداية بتوفيقه تعالى سمى نفسه باسم النور جرياً على مذهب العرب فإن العرب قد تسمي الشيء الذي من الشيء باسمه كما يسمى المطر سحاباً لأنه يخرج منه ويحصل به فلما حصل نور الإيمان والهداية بتوفيقه سماه بذلك الاسم ويجوز أن يعبر عن النور بالهداية وعن الهداية بالنور لما يحصل أحدهما من الآخر قال الله تعالى :﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ (النحل : ١٦) لما اهتدوا بنور النجم جعل النجم كالهادي لهم وجعلهم من المهتدين بنوره وعلى هذا سمي القرآن نوراً والتوراة نوراً بمعنى
١٥٣
الاهتداء بهما كما في "الأسئلة المقحمة" فعلى هذا شبهت الهداية بالنور في كونها سبباً للوصول إلى المطلوب فأطلق اسم النور عليها على سبيل الاستعارة ثم أطلق النور بمعنى الهداية عليه تعالى على طريق رجل عدل.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٥٢
وقال حضرة الشيخ الشهير بأفتاده قدس سره : خطر ببالي على وجه الكشف أن النور في قوله تعالى :﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ بمعنى العلم وهو بمعنى العالم من باب رجل عدل ووجه المناسبة بينهما أنه تنكشف بالنور المحسوسات وبالعلم تنكشف المعقولات بل جميع الأمور كذا في "الواقعات المحمودية" ويقال : إنه منور السموات بالشمس والقمر والكواكب والأرض بالأنبياء والعلماء والعباد.


الصفحة التالية
Icon