والإشارة بالظلمات إلى صورة الأعمال التي وقعت على الغفلة بلا حضور القلب وخلوص النية فهي.
﴿كَظُلُمَـاتٍ فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ﴾ وهو حب الدنيا ﴿يَغْشَـاـاهُ مَوْجٌ﴾ من الرياء ﴿مِّن فَوْقِه مَوْجٌ﴾ من حب الجاه وطلب الرياسة.
﴿مِّن فَوْقِه سَحَابٌ﴾ من الشرك الخفي ﴿ظُلُمَـاتُا بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ يعني ظلمة غفلة الطبيعة وظلمة حب الدنيا وظلمة حب الجاه وظلمة الشرك ﴿إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ﴾ يعني العبد يد قصده واجتهاده وسعيه ليرى صلاح حاله ومآله في تخلصه من هذه الظلمات لم ير بنظر عقله طريق خلاصه من هذه الظلمات لأن من لم يصبه رشاس النور الإلهي عند قسمة الأنوار فما له من نور يخرجه من هذه الظلمات فإن نور العقل ليس له هذه القوة لأنها من خصوصية نور الله كقوله تعالى :﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ﴾ والنكتة في قوله تعالى :﴿يُخْرِجُهُم﴾ إلخ كأنه يقول أخرجت الماء من العين والمطر من السحاب والنار من الحجر والحديد من الجبال والدخان من النار والنبات من الأرض والثمار من الأشجار كما لا يقدر أحد أن يرد هذه الأشياء إلى مكانها كذلك لا يقدر إبليس وسائر الطواغيت أن يردك إلى ظلمة الكفر والشك والنفاق بعدما أخرجتك إلى نور الإيمان واليقين والإخلاص والله الهادي.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٥٩
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَه مَن فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ الهمزة للتقرير والمراد من الرؤية رؤية القلب فإن التسبيح الآتي لا يتعلق به نظر البصر، أي قد علمت يا محمد علماً يشبه المشاهدة في القوة واليقين بالوحي أو الاستدلال أن الله تعالى ينزهه على الدوام في ذاته وصفاته وأفعاله عن كل ما لا يليق بشأنه من نقص وآفة أهل السموات والأرض من العقلاء وغيرهم ومن لتغليب العقلاء.
﴿وَالطَّيْرُ﴾ بالرفع عطف على من جمع طائر كركب وراكب والطائر كل ذي جناح يسبح في الهواء وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في جملة ما في الأرض لعدم استقرارها قرار ما فيها لأنها تكون بين السماء والأرض غالباً ﴿صَـافَّـاتٍ﴾ أصل الصف البسط ولهذا سمي اللحم القديد صفيفاً لأنه يبسط أي تسبحه تعالى حال كونها صافات أي باسطات أجنحتها في الهواء تصففن ﴿كُلَّ﴾ من أهل السموات و الأرض.
﴿قَدْ عَلِمَ﴾ بإلهام الله تعالى ويوضحه ما قرىء علم مشدداً أي : عرف ﴿صَلاتَهُ﴾ أي دعاء نفسه ﴿وَتَسْبِيحَهُ﴾ تنزيهه ﴿وَاللَّهُ عَلِيمُا بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ أي يفعلونه من الطاعة والصلاة والتسبيح فيجازيهم على ذلك وفيه وعيد لكفرة الثقلين
١٦٣
حيث لا تسبيح لهم طوعاً واختياراً.
﴿وَلِلَّهِ﴾ لا لغيره ﴿مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ لأنه الخالق لما فيها من الذوات والصفات وهو المتصرف في جميعها إيجاداً وإعداماً إبداء وإعادة.
﴿وَإِلَى اللَّهِ﴾ خاصة ﴿الْمَصِيرُ﴾ أي رجوع الكل بالفناء والبعث فعلى العاقل أن يعبد هذا المالك القوي ويسبحه باللسان الصوري والمعنوي وهذا التسبيح محمول عند البعض على ما كان بلسان المقال فإنه يجوز أن يكون لغير العقلاء أيضاً تسبيح حقيقة لا يعلمه إلا الله ومن شاء من عباده كما في "الكواشي" وقد سبق تفصيل بديع عند قوله تعالى في سورة الإسراء ﴿وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدَه وَلَـاكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ (الإسراء : ٤٤) فارجع تغنم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٦٣
وعن أبي ثابت قال : كنت جالساً عند أبي جعفر الباقر فقال لي أتدري ما تقول هذه العصافير عند طلوع الشمس وبعد طلوعها؟ قلت : لا قال فإنهن يقدسن ربهن ويسألن قوت يومهن (آورده اندكه أبو الجناب نجم الكبرى قدس سره در رسالة فواتح الجمال ميفر ما يندكه ذكرى كه جارى بر نفوس حيوانات انفاس ضرورية ايشانست زيرا كه در برآمدن وفرو رفتن نفس حرف هاكه اشارت بغيب هويت حكق است كفته ميشودا كر خواهند واكر نخواهند ورن حرف هاست كه دراسم مبارك الله است وألف ولام از براى تعريفست وتشديد لام از براى مبالغه درآن تعريف س مى بايدكه طالب هو شمندر در وقت تلفظ باين حرف شريف هويت حق سبحانه وتعالى ملحوظ وى باشد ودر خروج ودخول نفس واقف بودكه در نسبت حضور مع الله فتورى واقع نشود) ويقال لهذا عند النقشبندية (هوش دردم).
هاغيب هويت آمد أي حرف شناس
انفاس ترابود بآن حرف اساس
باش آكه ازان حرف دراميد وهراس
حرفي كفتم شكرف اكردارى اس
يقول الفقير أيقظه القدير : رأيت في بعض المبشرات حضرة شيخي وسندي قدس سره وهو يخاطبني ويقول : هل تعرف سر قولهم : الله بالرفع دون الله بالنصب والجر فقلت : لا فقال : إنه في الأصل الله هو فبضم الشفتين في تحصل الإشارة إلى نور الذات الأحدية في الممكنات وسر الكمال الساري في المظاهر ولا تحصل هذه الإشارة في النصب والجر الحمدتعالى.


الصفحة التالية
Icon