قيل لعيسى عليه السلام يا روح الله من نجالس؟ فقال : من يزيدكم في علمه منطقه ويذكركم الله رؤيته ويرغبكم في الآخرة عمله.
قال الصائب قدس سره.
نورى ازيشانىء صاحب دلان دريوزه كن
شمع خودرا مى برى دل مرده زين محفل را
أي كه روى عالمي را جانب خود كردة
رونمى آرى بروى صائب بيدل را
اللهم بحق الفرقان اجعلنا مع الصادقين من الإخوان.
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ كنضر بن الحارث وعبد الله بن أمية ونوفل بن خويلد ومن تابعهم.
﴿إِنْ هَـاذَآ﴾ أي : ما هذا القرآن ﴿إِلا إِفْكٌ﴾ كذب مصروف عن وجهه لأن الإفك كل مصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب المؤتفكات ورجل مأفوك مصروف عن الحق إلى الباطل.
اختلقه محمد من عند نفسه.
والفرق بين الافتراء والكذب أن الافتراء هو افتعال الكذب من قول نفسه والكذب قد يكون على وجه التقليد للغير فيه كما في "الأسئلة
١٨٩
المقحمة" ﴿وَأَعَانَه عَلَيْهِ﴾ أي : على اختلاقه ﴿قَوْمٌ ءَاخَرُونَ﴾ أي اليهود فإنهم يلقون إليه أخبار الأمم وهو يعبر عنها بعبارته ﴿فَقَدْ جَآءُو﴾ فعلوا بما قالوا فإن جاء وأتى يستعملان في معنى فعل فيعديان تعديته.
﴿ظُلْمًا﴾ عظيماً بجعل الكلام المعجز إفكاً مختلقاً مفتعلاً من اليهود يعني وضعوا الإفك في غير موضعه ﴿وَزُورًا﴾ أي كذبا كبيراً حيث نسبوا إليه عليه السلام ما هو بريء منه.
قال الإمام الراغب : قيل للكذب زور لكونه مائلاً عن جهته لأن الزور ميل في الزور أي وسط الصدر والأزور المائل الزور.
﴿وَقَالُوا﴾ في حق القرآن هذا ﴿أَسَـاطِيرُ الاوَّلِينَ﴾ ما سطره المتقدمون من الخرافات والأباطيل مثل حديث رستم واسفنديار.
وبالفارسية (افسانهاى أو ليانست كه در كتابها نوشته اند) وهو جمع اسطار جمع سطر أو أسطورة كاحدوثة وأحاديث.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٩
قال في "القاموس" السطر الصف من الشيء الكتاب والشجر وغيره والخط والكتابة والقطع بالسيف ومنه الساطر للقصاب وأسطره كتبه والأساطير الأحاديث التي لا نظام لها.
﴿اكْتَتَبَهَا﴾ أمر أن تكتب له لأنه عليه السلام لا يكتب وهو كاحتجم وافتصد إذا أمر بذلك.
قال في "المفردات" الاكتتاب متعارف في الاختلاق.
﴿فَهِىَ﴾ أي : الأساطير ﴿تُمْلَى عَلَيْهِ﴾ تلقى على محمد وتقرأ عليه بعد اكتتابها وانتساخها ليحفظها من أفواه من يمليها عليه لكونه أمياً لا يقدر على أن يتلقاها منه بالقراءة والإملاء في الأصل عبارة عن إلقاء الكلام على الغير ليكتبه ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلا﴾ أول النهار وآخره أي دائماً أو خفية قبل انتشار الناس وحين يأوون إلى مساكنهم.
وفي "ضرام السقط" : أول اليوم الفجر ثم الصباح ثم الغداة ثم البكرة ثم الضحى ثم الهجيرة ثم الظهر ثم الرواح ثم المساء ثم العصر ثم الأصيل ثم العشاء الأولى ثم العشاء الأخيرة عند مغيب الشفق.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ١٨٩
﴿قُلْ﴾ يا محمد رداً عليهم وتحقيقاً للحق ﴿أَنزَلَهُ الَّذِى يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ الغيب ﴿فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ لأنه أعجزكم لفصاحته عن آخركم وتضمن إخباراً عن مغيبات مستقبلة أو أشياء مكنونة لا يعلمها إلا عالم الأسرار فكيف تجعلونه أساطير الأولين.
﴿إِنَّه كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ أي إنه تعالى أزلاً وأبداً مستمر على المغفرة والرحمة فلذلك لا يعجل على عقوبتكم على ما تقولون مع كمال قدرته عليها واستحقاقكم أن يصب عليكم العذاب صباً.
وفيه إشارة إلى أن أهل الضلالة من الذين نسبوا القرآن إلى الإفك لو رجعوا عن قولهم وتابوا إلى الله يكون غفوراً لهم رحيماً بهم كما قال تعالى :﴿وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ﴾ (طه : ٨٢).
در توبه بازست وحق دستكير
اعلم أن الله أنزل القرآن على وفق الحكمة الأزلية في رعاية مصالح الخلق ليهتدي به أهل السعادة إلى الحضرة وليضل به أهل الشقاوة عن الحضرة وينسبوه إلى الإفك كما قال تعالى :﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِه فَسَيَقُولُونَ هَـاذَآ إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ (الأحقاف : ١١) والقرآن لا يدرك إلا بنور الإيمان والكفر ظلمة وبالظلمة لا يرى إلا الظلمة فبظلمة الكفر رأى الكفار القرآن النوراني القديم كلاماً مخلوقاً ظلمانياً من جنس كلام الإنس فكذلك أهل البدعة لما رأوا القرآن بظلمة البدعة رأوا كلاماً مخلوقاً ظلمانياً بظلمة الحدوث وظلموا أنفسهم بوضع القرآن في غير موضعه من كلام الإنس وفي
١٩٠
الحديث :"القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق فمن قال بكونه مخلوقاً فقد كفر بالذي أنزله" نسأل الله العصمة والحفظ من الإلحاد وسوء الاعتقاد.