وقال غيره :﴿كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ (الفرقان : ٤٥) أي : بسطه فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأنه لا شمس معه وهو أطيب الأزمنة لأن الظلمة الخالصة سبب لنفرة الطبع وانقباض نور البصر وشعاع الشمس مسخن للجو ومفرق لنور الباصرة وليس فيما بين طلوعيهما شيء من هذين ولذلك قال تعالى في وصف الجنة :﴿وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ﴾ (الواقعة : ٣٠) ويقال تلك الساعة تشبه ساعات الجنة إلا أن الجنة أنور فالظل هو الأمر المتوسط بين الضوء الخالص والظلمة الخالصة ﴿وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَه سَاكِنًا﴾ دائماً لا شمس معه أبداً من السكنى وهو الاستقرار ولا تنسخه الشمس بأن لا يتحرك حركة انقباض ولا انبساط بأن جعل الشمس مقيمة على موضع واحد فهو من السكون الذي هو عدم الحركة.
﴿ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا﴾ لأنه لولا الشمس لما عرف الظل كما أنه لولا النور لما عرف الظلمة والأشياء بأضدادها وهذا المعنى يؤيده تعميم الظل كما سبق من "المفردات" لكن لم يرض به أبو السعود رحمه الله لأن ما ذكر من معنى الظل في هذا الوجه وإن كان في الحقيقة ظلاً للأفق الشرقي لكنه غير معهود والمتعارف أنه حالة مخصوصة يشاهدونها
٢٢٠
في موضع يحول بينه وبين الشمس جسم كثيف (درعين المعاني آورده كه مد ظل أشارت بزمان فترتست كه مردم درحيرت بودند وشمس بنور اسلام كه طلوع سيدانام عليه الصلاة والسلام ازافق اكرام طالع كشت واكر آن سايه دائم بودي خلق درتاريكي غفلت مانده بروشني آكاهي نرسيدي.
كرنه خورشيد جمال ياركشتي رهمنون
ازشب تاريك غفلت كس نبردي ره برون
(صاحب كشف الأسرار كويد اين آيت ازروي ظاهر معجزة مصطفى عليه السلام وبفهم أهل حقيقيت اشارتست بقرب وكرامت وي أما بيان معجزة آنست كه حضرت رسالت عليه السلام درسفرى بوقت قيلوله درزير درختي فرودآمد ياران بسيار بودند وساية درخت اندك حق سبحانه وتعالى بقدرت كامله ساية آن درخت ممدود كردانيد نانه همه لشكر اسلام درآن ساية بياسودند واين آيت نازل شد ونشان خصوصيت قربت آنكه فرمود ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ موسى عليه السلام را بوقت طلب ﴿أَرِنِى﴾ (الأعراف : ١٤٣) داغ ﴿لَن تَرَانِى﴾ (الأعراف : ١٤٣) بردل نهاد واين حضرت رابي طلب فرمودكه نه مرا بيني ودر من مي نكري دي كره خواهي) :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٨
فرقست ميان آنكه يارش در بر
با آنكه دوشم انتظارش بر در
وفي "المثنوي" :
مرغ بربالا ران وسايه اش
مي دود برخاك وران مرغ وش
ابلهي صياد آن سايه شود
مي دود ند آنكه بي مايه شود
بي خبر كان عكس آن مرغ هواست
بي خبر كه أصل آن سايه كجاست
تير اندازد بسوى سايه أو
تركشش خالي شود ازجست وجو
تركش عمرش تهي شد عمررفت
از دويدن درشكار ساية تفت
ساية يزدان و باشد دايه اش
وارهاند از خيال وساية اش
ساية بيزدان بود بنده خدا
نرده اين عالم وزنده خدا
دامن أو كير زو تر بي كمان
تا رهى در رامن آخر زمان
"كيف مد الظل" نقش أولياست
كاز دليل نور خورشيد خداست
اندراين وادي مرو بي اين دليل
"لا أحب الآفلين" كوون خليل
رو زساية آفتابي را بياب
دامن شه شمس تبريزي بتاب
قال في "المصطلحات" : الظل هو الوجود الإضافي الظاهر بتعينات الأعيان الممكنة وأحكامها التي هي معدومات ظهرت باسمه النور الذي هو الوجود الخارجي المنسوب إليها فيستر ظلمة عدميتها النور الظاهر بصورها صار ظلاً لظهور الظل بالنور وعدميته في نفسه قال الله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ أي : بسط الوجود الإضافي على الممكنات فالظمة بإزاء هذا النور هو العدم وكل ظلمة فهي عبارة عن عدم النور عما من شأنه أن يتنور به قال الله تعالى :﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ﴾ الآية (البقرة : ٢٥٧) والكامل المتحقق بالحضرة الواحدية والسلطان ظل الله أي ظل الحقيقة الإلهية الجامعة وهي سر الإنسان الكامل الذي صورته السلطان أعظم الظاهر
٢٢١
أي في الجامعية والإحاطة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢١٨
﴿وَهُوَ﴾ أي الله تعالى وحده ﴿وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ﴾ كاللباس يستركم بظلامه كما يستر اللباس فشبه ظلامه باللباس في الستر وأصل اللبس ستر الشيء وجعل اللباس وهو ما يلبس اسماً لكل ما يغطي الإنسان من قبيح وجعل الزوج لزوجها لباساً في قوله :﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾ (البقرة : ١٨٧) من حيث أنه يمنعها عن تعاطي قبيح وجعل التقوى لباساً في قوله :﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ (الأعراف : ٢٦) على طريق التمثيل والتشبيه.
فإن قلت : إذا كان ظلمة الليل لباساً فلا حاجة إلى ستر العورة في صلاة الليل.


الصفحة التالية
Icon