وفي الخبر :"إذا نام العبد عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد فإن قعد وذكر الله تعالى انحلت عقدة فإن توضأ انحلت أخرى وإن صلى ركعتين انحلت كلها فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح كسلان خبيث النفس" وفي خبر آخر :"إن نام حتى يصبح بال الشيطان في أذنه" والعياذ بالله من شر النفس والشيطان.
﴿وَهُوَ﴾ تعالى وحده ﴿الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَـاحَ﴾ (كشاد بادها درهوا قال في "كشف الأسرار" إرسال اينجا بمعنى كشادن است ناجه كويي) أرسلت الطائر وأرسلت الكلب المعلم انتهى.
وفي "المفردات" : قد يكون الإرسال للتسخير كإرسال الريح والريح معروفة وهي فيما قيل الهواء المتحرك وقيل في الرحمة : رياح بلفظ الجمع لأنها تجمع الجنوب والشمال والصبا وقيل في العذاب : ريح لأنها واحدة وهي الدبور وهو عقيم لا يلقح ولذا ورد في الحديث :"اللهم اجعلها لنا رياحاً ولا تجعلها ريحاً" ﴿بَشَرًا﴾ حال من الرياح تخفيف بشر بضمتين جمع بشورا وبشير بمعنى مبشر لأن الرياح تبشر بالمطر كما قال تعالى :﴿وَمِنْ ءَايَـاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ﴾ (الروم : ٤٦) بالفارسية (بشارت دهندكان) ﴿بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ﴾ أي : قدام المطر على سبيل الاستعارة وذلك لأنه ريح ثم سحاب ثم مطر.
وبالفارسية (يش ازنزول رحمت كه اوبارانست يعني وزيدن ايشان غالباً دلالت ميكند بروقوع مطر داراوان آن باران آسمانرا رحمن نام كرد ازانكه برحمت ميفرستد) ﴿وَأَنزَلْنَا﴾ بعظمتنا والالتفات إلى
٢٢٣
نون العظمة لإبراز كمال العناية بالإنزال لأنه نتيجة إرسال الرياح ﴿مِنَ السَّمَآءِ﴾ من جهة الفوق وقد سبق تحقيقه مراراً ﴿مَآءً طَهُورًا﴾ بليغاً في الطهارة وهو الذي يكون طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره من الحدث والنجاسة.
وبالفارسية (آبي اك واك كننده).
والطهور يجيء صفة كما في ماء طهوراً واسماً كما في قوله عليه السلام :"التراب طهور المؤمن" وبمعنى الطهارة كما في تطهرت طهوراً حسناً أي وضوءاً حسناً ومنه قوله عليه السلام :"لا صلاة إلا بالطهور".
قال في "فتح الرحمن" : الطهور هو الباقي على أصل خلقته من ماء المطر والبحر والعيون والآبار على أي صفة كان من عذوبة وملوحة وحرارة وبرودة وغيرها وما تغير بمكثه أو بطاهر لا يمكن صونه عنه كالتراب والطحلب وورق الشجر ونحوها فهو طاهر في نفسه مطهر لغيره يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس بالاتفاق قال : تغير عن أصل خلقته بطاهر يغلب على أجزائه ما يستغني عنه الماء غالباً لم يجز التطهير به عند الثلاثة وجوز أبو حنيفة رحمه الله الوضوء بالماء المتغير بالزعفران ونحوه من الطاهرات ما لم تزل رقته.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٢
وقال أيضاً : يجوز إزالة النجاسة بالمائعات الطاهرة كالخل وماء الورد ونحوهما وخالفه الثلاثة ومحمد بن الحسن وزفر كما فصل في الفقه ثم في توصيف الماء بالطهور مع أن وصف الطهارة لا دخل له في ترتيب الأحياء والسقي على إنزال الماء إشعار بالنعمة فيه لأن وصف الطهارة نعمة زائدة على إنزال ذات الماء وتتميم للمنة المستفادة من قوله لنحيي به ونسقيه فإن الماء الطهور أهنأ وأنفع مما خالطه ما يزيل طهوريته وتنبيه على أن ظواهرهم لما كانت مما ينبغي أن يطهروها كانت بواطنهم بذلك أولى لأن باطن الشيء أولى بالحفظ عن التلوث من ظاهره وذلك لأن منظر الحق هو باطن الإنسان لا ظاهره والتطهير مطلقاً سبب لتوسع الرزق كما قال عليه السلام :"دم الطهارة يوسع عليك الرزق" والماء الذي هو سبب الرزق الصوري طاهر مطهر فينبغي لطالبه أن يكون دائماً على الطهارة الظاهرة فإنها الجالبة له وأما الطهارة الباطنة فجالبة للرزق المعنوي وهو ما يكون غذاء للروح من العلو والفيوض.
﴿لِّنُحْـاِىَ بِهِ﴾ أي : بما أنزلنا من السماء من الماء الطهور وهو تعليل للإنزال ﴿بَلْدَةً مَّيْتًا﴾ لا أشجار فيها ولا أثمار ولا مرعى وإحياؤها بإنبات النبات والمراد القطعة من الأرض عامرة كانت أو غيرها.
وبالفارسية (شهرى مرده يعني موضعي كه درخشك سال بوده يا مكاني راكه در زمستان خشك وافسرده كشت).
والتذكير حيث لم يقل بلدة ميتة لأنه بمعنى البلد أو الموضع والمكان ولأنه غير جار على الفعل بأن يكون على صيغة اسم الفاعل أو المفعول فأجري مجرى الجامد.
﴿وَنُسْقِيَهُ﴾ أي ذلك الماء الطهور عند جريانه في الأودية أي اجتماعه في الحياض أو المنابع والآبار.
وبالفارسية :(وبياشامانيم أن اب) وسقى وأسقى لغتان بمعنى يقال : سقاه الله الغيث وأسقى والاسم السقيا.
قال الإمام الراغب : السقي والسقيا أن تعطيه ماء ليشربه والإسقاء أن تجعل له ذلك حتى يتناوله كيف يشاء والإسقاء أبلغ من السقي لأن الإسقاء هو أن تجعل له ماء يستقي منه ويشرب كقوله : أسقيته نهراً.