بالله تعالى بأن يقولوا : مطرنا بنوء كذا أي بسقوط كوكب كذا كما يقول المنجمون فجعلهم الله بذلك كافرين حيث لم يذكروا صنع الله تعالى ورحمته بل أسندوا مثل هذه النعمة إلى الأفلاك والكواكب فمن لا يرى الأمطار إلا من الأنواء فهو كافر بالله بخلاف من يرى أن الكل بخلق الله تعالى والأنواء أمارات بجعل الله تعالى والأنواء النجوم التي يسقط واحد منها في جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه في جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها وقيل إلى الطالع منها لأنه في سلطانه يقال : ناء به الحمل أثقله وأماله فالنوء نجم مال للغروب ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح أخطأ نوءك وفي الحديث :"ثلاث من أمر الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء" وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلّم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال :"هل تدرون ماذا قال ربكم"؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال :"قال أصبح عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال : مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب" كذا في "كشف الأسرار".
فعلى المؤمن أن يحترز من سوء الاعتقاد ويرى التأثير في كل شيء من رب العباد فالمطر بأمره نازل وفي إنزاله إلى بلد دون بلد وفي وقت دون وقت وعلى صفة دون صفة حكمة ومصلحة وغاية جليلة.
روي : أن الملائكة يعرفون عدد القطر ومقداره في كل عام لأنه لا يختلف ولكن تختلف فيه البلاد.
روي : مرفوعاً :"ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا السماء المطر فيها يصرفه الله حيث يشاء" وفي الحديث :"ما من سنة بأمطر من أخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حوّل الله ذلك إلى غيرهم فإذا عصوا جميعاً صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار" وفي "المثنوي".
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٢
تو بزن يا ربنا آب طهور
تا شود اين نار عالم جمله نور
آب دريا جمله در فرمان تست
آب وآتش أي خداوندان تست
كرتوخواهى آتش آب خوش شود
ورنخواهى آب آتش هم شود
اين طلب ازما هم ازايجادتست
رستن از بيداد يا رب دادتست
بي طلب تو اين طلب مان دادة
كنج احسان برهمه بكشادة
﴿وَلَوْ شِئْنَا﴾ أردنا ﴿لَبَعَثْنَا﴾ (برانكيختيم وفرستاديم).
قال الراغب : البعث إثارة الشيء وتوجيهه ﴿فِى كُلِّ قَرْيَةٍ﴾ مصر ومدينة وبالفارسية :(درهر ديهى ومجتمعي) فإن القرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس ﴿نَذِيرًا﴾ بمعنى المنذر والإنذار إخبار فيه تخويف أي نبياً ينذر أهلها فيخفف عليك أعباء النبوة ولكن بعثناك إلى القرى كلها رسولاً وقصرنا الأمر عليك إجلالاً لشأنك وإعظاماً لأجرك وتفضيلاً لك على سائر الرسل.
وبالفارسية :(أما بجهت تعظيم وعلو مكان تو نبوت را برتو ختم كرديم وترا بر كافة مردمان تا بروز قيامت مبعوث ياختيم).
قال في "التأويلات النجمية" : يشير إلى كمال القدرة والحكمة وعزة النبي عليه السلام وتأديب الخواص.
أما القدرة فأظهر أنه قادر على ما يشاء وليس الأمر كما زعم الفلاسفة
٢٢٦
والطبايعية أن ظهور أرباب النبوة يتعلق بالقرانات والاتصالات فحسب بل يتعلق بالقدرة كيف يشاء وما يشاء.
والذي يدل على بطلان أقاويلهم وصحة ما قلنا ما روي أن موسى عليه السلام تبرّم وقتاً بكثرة ما كان يسأل فأوحى الله في ليلة واحدة إلى ألف نبي من بني إسرائيل فأصبحوا رسلاً وتفرق الناس عن موسى عليه السلام فضاق قلب موسى وقال : يا رب إني لم أطق ذلك فقبض الله أرواحهم في ذلك اليوم.
وأما الحكمة فقد اقتضت قلة الأنبياء في زمان واحد إظهاراً لعزتهم فإن في الكثرة نوعاً من الإزراء وأيضاً فيها احتمال غيرة البعض على البعض كما غار موسى على تلك الأنبياء فأماتهم الله تعالى عزة لموسى عليه السلام.
وأما عزة النبي عليه السلام فبانفراده في النبوة في زمانه واختصاصه بالفضيلة على الكافة وإرساله إلى الجملة ونسخ الشرائع بشريعته وختم النبوة به وحفظ كتابه عن النسخ والتغيير والتحريف وإقامة ملته إلى قيام الساعة.
وأما تأديب الخواص فبقوله :﴿وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيرًا﴾ إذ نوع تأديب للنبي عليه السلام بأدق إشارة كما قال :﴿وَلَـاـاِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ﴾ (الإسراء : ٨٦) فالقصد أن يتأدب به خواص عباده وأن يكونوا معصومين من رؤية الأعمال والعجب بها انتهى.
يعني (مقصود آنست كه رب العزة ميخواهد تادوستان وخواص بندكان خود يوسته معصوم دارد از آنكه ايشانرا باخود التفاتي بود يا باروش خويش نظري كنند).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٢٢


الصفحة التالية
Icon