قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله : يحتاج العبد إلى السنن الرواتب لتكميل الفرائض ويحتاج إلى النوافل لتكميل السنن ويحتاج إلى الآداب لتكميل النوافل ومن الأدب ترك الدنيا.
وقد اختلفوا في أن طول القيام أفضل أو كثرة السجود والركوع.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣٦
قال في "الدرر" : طول القيام أولى من كثرة السجود لقوله عليه السلام :"أفضل الصلوات طول القنوت" أي القيام ولأن القراءة تكثر بطول القيام وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح والقراءة أفضل منه انتهى.
وقال بعضهم بأفضلية الثاني (ابن عمر يكى را ديدكه در نماز قيام دراز داشت كفت اكر من اورا شنا ختمى بكثرة روع وسجود فرمودمى كه از رسول خدا شنيدم عليه السلام كه كفت) "أن العبد إذا قام يصلي أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه كلما ركع أو سجد تساقطت عنه".
وقال معدان بن طلحة : لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت : أخبرني بعمل يدخلني الله به الجنة فقال : سألت عن ذلك رسول الله فقال :"عليك بكثرة السجودفإنك لا تسجدسجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها حطيئة".
واعلم أن الأصل في كل عمل هو تحقيق النية وتصحيح الإخلاص.
مشايخ همه شب دعا خوانداه اند
سحركه مصلى برافشانده اند
كسى كوبتابد زمحراب روى
بكفرش كواهى دهند أهل كوى
توهم شت بر قبلة در نماز
كرت در خدانيست روى نياز
وجهنا الله وإياكم إلى وجهه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٣٦
﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ﴾ أي في أعقاب صلواتهم أو في عامة أوقاتهم ﴿رَبَّنَا﴾ (أي روردكار ما) ﴿اصْرِفْ عَنَّا﴾ صرفه رده ﴿عَذَابَ جَهَنَّمَ﴾ العذاب الإيجاع الشديد.
﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ أي : شراً دائماً وهلاكاً لازماً غير مفارق لمن عذب به من الكفار.
قال الراغب : مأخوذ من قولهم : هو مغرم بالنساء أي يلازمهن ملازمة الغريم أي ملازمة من له الدين لغريمه أي من عليه الدين فكلاهما غريم.
قال محمد بن كعب : إن الله تعالى سأل الكفار ثمن نعمته فلم يؤدوها إليه فأغرقهم فأدخلهم النار.
﴿إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ تعليل لاستدعائهم المذكور بسوء حالها في أنفسها أثر تعليله بسوء حال عذابها فهو من تمام كلامهم والضمير في ساءت لا يعود إلى اسم إن وهو جهنم ولا إلى شيء آخر بعينه بل هو ضمير مبهم يفسره ما بعده من التمييز وهو مستقراً ومقاماً وذلك لأن فاعل أفعال الذم يجب أن يكون معرفاً باللام أو مضافاً إلى المعرف به أو مضمراً مميزاً بنكرة منصوبة.
والمعنى بئست موضع قرار وإقامة هي أي جهنم.
وبالفارسية (بتحقيق دوزخ بد آرامكاهست وبد جاى بودنى).
وفي الآية إيذان بأنهم مع حسن مخالقتهم مع الخلق واجتهادهم في عبادة الحق خائفون
٢٤٣
من العذاب متضرعون إلى الله في صرفه عنهم.
يعني يجتهدون غاية الجهد ويستفرغون نهاية الوسع ثم عند السؤال ينزلون منزلة العصاة ويقفون موقف أهل الاعتذار ويخاطبون بلسان التذلل كما قيل :
وما رمت الدخول عليه حتى
حللت محلة العبد الذليل
وذلك لعدم اعتدادهم بأعمالهم ووثوقهم على استمرار أحوالهم كقوله :﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ (المؤمنون : ٦٠) : قال الشيخ سعدى قدس سره.
طريقت همينست كاهل يقين
نكوكار بودند وتقصير بين
وقال :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٤٣
بنده همان به كه ز تقصير خويش
عذر بدركاه خداى آورد
ورنه سراوار خدا ونديش
كس نتواند كه بجاى آورد
قال ابن نجيد : لا يصف لأحد قدم في العبودية حتى يكون أفعاله عنده كلها رياء وأحواله كلها دعاوى.
وقال النهرجوري : من علامة من تولاه الله في أعماله أن يشهد التقصير في إخلاصه والغفلة في أذكاره والنقصان في صدقه والفتور في مجاهدته وقلة المراعاة في فقره فيكون جميع أحواله عنده غير مرضية ويزداد فقراً إلى الله تعالى في فقره وسيره حتى يفنى عن كل ما دونه.
ودلت الآية على الدعاء مطلقاً خصوصاً في أعقاب الصلوات وهو مخ العبادة فليدع المصلي مفرداً وفي الجماعة إماماً كان أو مأموماً وليقل :"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي وأقل عثراتي اللهم إني أسألك إيماناً لا يرتد ونعيماً لا ينفد وقرة عين الأبد ومرافقة نبيك محمد اللهم ألبس وجوهنا منك الحياء واملأ قلوبنا بك فرحاً وأسكن في نفوسنا عظمتك وذلك جوارض لخدمتك واجعلك أحبّ إلينا مما سواك، اللهم افعل بنا ما أنت أهله ولا تفعل بنا ما نحن أهله اللهم اغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيراً واغفر لأعمامنا وعماتنا وأخوالنا وخالاتنا وأزواجنا وذرياتنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات يا أرحم الراحمين ويا خير الغافرين" وغير ذلك مما هو مذكور في "عوارف المعارف" نقلاً عن "قوت القلوب" للإمام المكي.


الصفحة التالية
Icon