ون حسن عاقبت نه برندي وزاهديست
آن به كه كار خود بعنايت رها كنند
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥٨
﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ﴾ من موعظة من المواعظ القرآنية أو من طائفة نازلة من القرآن تذكرهم كل تذكير وتنبههم أتم تنبيه كأنها نفس الذكر.
﴿مِّنَ الرَّحْمَـانِ﴾ بوحيه إلى نبيه دل هذا الاسم الجليل على أن إتيان الذكر من آثار رحمة الله تعالى على عباده.
﴿مُحْدَثٍ﴾ مجدد إنزاله لتكرير التذكير وتنويع التقرير فلا يلزم حدوث القرآن.
﴿إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾
٢٦٢
إلا جددوا إعراضاً عن ذلك الذكر وعن الإيمان به وإصراراً على ما كانوا عليه والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال محله النصب على الحالية من مفعول يأتيهم بإضمار قد وبدونه على الخلاف المشهور أي ما يأتيهم من ذكر في حال من الأحوال إلا حال كونهم معرضين عنه.
﴿فَقَدْ كَذَّبُوا﴾ بالذكر عقيب الإعراض فالفاء للتعقيب أي جعلوه تارة سحراً وأخرى شعراً ومرة أساطير.
﴿فَسَيَأْتِيهِمْ﴾ البتة من غير تخلف أصلاً والفاء للسببية، أي لسبب إعراضهم المؤدي إلى التكذيب المؤدي إلى الاستهزاء.
﴿أَنابَـاؤُا مَا كَانُوا بِه يَسْتَهْزِءُونَ﴾ أي : أخبار الذكر الذي كانوا يستهزؤون به من العقوبات العاجلة والآجلة التي بمشاهدتها يقفون على حقيقة حال القرآن بأنه كان حقاً أو باطلاً وكان حقيقاً بأن يصدق ويعظم قدره أو يكذب فيستخف أمره كما يقفون على الأحوال الخافية عنهم باستماع الأنباء وفيه تهويل له لأن النبأ لا يطلق إلا على خبر خطير له وقع عظيم.
قال الكاشفي :(وبعد از ظهور نتايج تكذيب شيماني نفع ندهد امروز بدان مصلحت خويش كه فردا داني وشيمان شوى وسودندارد).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٥٨
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾ الهمزة للإنكار التوبيخي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أفعل المكذبون من قريش ما فعلوا من الإعراض عن الآيات والتكذيب والاستهزاء بها ولم ينظروا.
﴿إِلَى الأرْضِ﴾ أي إلى عجائبها الزاجرة عما فعلوا الداعية إلى الإقبال إلى ما أعرضوا.
﴿كَمْ أَنابَتْنَا فِيهَا﴾ (ند برويانيديم در زمين بعد ازمردكى وافسردكى) ﴿مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ كريك (ازهر صنفي كاه نيكو وبسنديده ون رياحين وكل نسرين وبنفشه وياسمين وشكوفهاى رنكارنك وبركهاي كوناكون) وسائر نباتات نافعة مما يأكل الناس والأنعام.
قال أهل التفسير : كم خبرية منصوبة بما بعدها على المفعولية والجمع بينها وبين كل لأن كل للإحاطة بجميع أزواج النبات وكم لكثرة المحاط به من الأزواج ومن كل زوج أي صنف تمييز والكريم من كل شيء مرضيه ومحموده يقال وجه كريم أي مرضي في حسنه وجماله وكتاب كريم مرضي في معانيه وفوائده وفارس كريم مرضي في شجاعته وبأسه.
والمعنى كثير من كل صنف مرضي كثير المنافع أنبتنا فيها وتخصيص النبات النافع بالذكر دون ما عداه من أصناف الضار وإن كان كل نبت متضمناً لفائدة وحكمة لاختصاصه بالدلالة على القدرة والنعمة معاً.
واعلم أنه سبحانه كما أنبت من أرض الظاهر كل صنف ونوع من النبات الحسن الكريم كذلك أنبت في أرض قلوب العارفين كل نبت من الإيمان والتوكل واليقين والإخلاص والأخلاق الكريمة كما قال عليه السلام :"لا إله إلا الله ينبت الإيمان كما ينبت البقل".
قال أبو بكر بن طاهر : أكرم زوج من نبات الأرض آدم وحواء فإنهما كانا سبباً في إظهار الرسل والأنبياء والأولياء والعارفين.
قال الشعبي : الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم ﴿إِنَّ فِي ذَالِكَ﴾ أي : في الإنبات المذكور أو في كل واحد من تلك الأصناف.
﴿لايَةً﴾ عظيمة دالة على كمال قدرة منبتها وغاية وفور علمه ونهاية سعة رحمته موجبة للإيمان زاجرة عن الكفر.
﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم﴾ أي أكثر قومه عليه السلام.
﴿مُؤْمِنِينَ﴾ مع ذلك لغاية تماديهم في الكفر والضلالة وانهماكهم في الغي والجهالة وكان صلة عند سيبويه لأنه لو حمل
٢٦٣
على معنى ما كان أكثرهم في علم الله وقضائه لتوهم كونهم معذورين في الكفر بحسب الظاهر وبيان موجبات الإيمان من جهته تعالى يخالف ذلك.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٦٣
يقول الفقير : قوله تعالى :﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ﴾ الآية ونظائره يدل على المعنى الثاني ولا يلزم من ذلك المعذورية لأنهم صرفوا اختياراً إلى جانب الكفر والمعصية وكانوا في العلم الأزلي غير مؤمنين بحسب اختيارهم ونسبة عدم الإيمان إلى أكثرهم لأن منهم من سيؤمن.
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب القادر على الانتقام من الكفرة.
﴿الرَّحِيمُ﴾ المبالغ في الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يأخذهم بغتة.
وقال في "كشف الأسرار" : يرحم المؤمن الذين هم الأقل بعد الأكثر.


الصفحة التالية
Icon