﴿وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَه أَجْمَعِينَ﴾ من الغرق بحفظ البحر على تلك الهيئة إلى أن عبروا إلى البر.
﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا الاخَرِينَ﴾ بإطباقه عليهم يعني :(ون بني إسرائيل همه ازدريا بيرون آمدند موسى ميخواست كه دريا بحال خود بازشود ازبيم آنكه فرعون وقطبطيان بآن راهها در آنيد وبايشان درر سندفر مان آمدكه) يا موسى اترك البحر رهواً أي صفوفاً ساكنة فإن فرعون وقومه جند مغرقون فتركه على حاله حتى أغرقهم الله تعالى كما مر في غير موضع آورده اندكه آن روزكه موسى نجات يافت ودشمن وي غرق كشت روز دوشنبه بود دهم ماه محرم وموسى آن روز روزه داشت شكر آن نعمت را).
﴿إِنَّ فِي ذَالِكَ﴾ أي في جميع ما فصل خصوصاً في الإنجاء والغرق ﴿لايَةً﴾ لعبرة عظيمة للمعتبرين.
﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم﴾ أي : أكثر المصريين وهم آل فرعون.
﴿مُؤْمِنِينَ﴾ قالوا : لم يكن فيه مؤمن إلا آسية امرأة فرعون وخربيل المؤمن ومريم بنت ناموشا التي دلت على عظام يوسف عليه السلام حين الخروج من مصر.
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب المنتقم من أعدائه كفرعون وقومه.
﴿الرَّحِيمُ﴾ بأوليائه كموسى وبني إسرائيل.
يقول الفقير : هذا هو الذي يقتضيه ظاهر السوق فإن قوله تعالى :﴿إِنَّ فِي ذَالِكَ﴾ إلخ ذكر في هذه السورة في ثمانية مواضع.
أولها في ذكر النبي عليه السلام وقومه كما سبق وذكر النبي عليه السلام وإن لم يتقدم صريحاً فقد تقدم كناية.
والثاني في قصة موسى ثم إبراهيم ثم نوح ثم هود ثم صالح ثم لوط ثم شعيب عليهم السلام فتعقيب القول المذكور بكل قصة من هذه القصص يدل على أن المراد بالأكثر هو من لم يؤمن من قوم كل نبي من الأنبياء المذكورين وقد ثبت في غير هذه المواضع أيضاً أن أكثر الناس من كل أمة هم الكافرون فكون كل قصة آية وعبرة إنما يعتبر بالنسبة إلى من شاهد الوقعة ومن جاء بعدهم إلى قيام الساعة فيدخل فيهم قريش لأنهم سمعوا قصة موسى وفرعون مثلاً من لسان النبي عليه السلام فكانت آية لهم مع أن بيانها من غير أن يسمعها من أحد آية أخرى موجبة للإيمان حيث دل على أن ما كان إلا بطريق الوحي الصادق نعم إن قوله تعالى :﴿إِنَّ فِي ذَالِكَ﴾ إذا كان إشارة إلى جميع ما جرى بين موسى وفرعون مثلاً كان غير الإنجاء والغرق آية للمغرقين أيضاً وبذلك يحصل التلاؤم الأتم بما بعده فافهم جداً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٨٠
وقد رجح بعضهم رجوع ضمير أكثرهم إلى قوم نبينا عليه السلام فيكون المعنى إن في ذلك المذكور لآية لأهل الاعتبار كما كان في المذكور في أول السورة آية أيضاً وما كان أكثر هؤلاء الذين يسمعون قصة موسى وفرعون وهم أهل مكة مؤمنين لعدم تدبرهم واعتبارهم فليحذروا عن أن يصيبهم مثل ما أصاب آل فرعون وإن ربك لهو العزيز الغالب على ما أراد من انتقام المكذبين الرحيم البالغ في الرحمة ولذلك يمهلهم ولا يعجل عقوبتهم بعدم إيمانهم بعد مشاهدة هذه الآيات العظيمة بطريق الوحي مع كمال استحقاقهم لذلك.
وفي الآية تسلية للنبي عليه السلام لأنه كان قد يغتم قلبه المنير بتكذيب قومه مع ظهور
٢٨٠
المعجزات على يديه فذكر له أمثال هذه القصص ليقتدي بمن قبله من الأنبياء في الصبر على عناد قومه والانتظار مجيء الفرج كما قيل : اصبروا تظفروا كما ظفروا.
قال الحافظ :
سروش عالم غيبم بشارتي خوش داد
كه كس هميشه بكيتي دم نخواهم مائد
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ﴾ من التلاوة وهي القراءة على سبيل التتابع والقراءة أعم أي اقرأ على مشركي العرب وأخبر أهل مكة.
﴿نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ﴾ خبره العظيم الشان.
قال الكاشفي :(خبر إبراهيم كه إيشان بدو نسبت درست ميكنند وبفرزندي أو مفخترند ومستظهر).
﴿إِذْ قَالَ﴾ ظرف لنبأ ﴿لابِيهِ﴾ آزر وهو تاريخ كما سبق ﴿وَقَوْمِهِ﴾ أهل بابل وهو كصاحب موضع بالعراق وإليه ينسب السحر.
والقوم جماعة الرجال في الأصل دون النساء كما نبه عليه قوله تعالى :﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَآءِ﴾ (النساء : ٣٤) وفي عامة القرآن أريدوا به والنساء جميعاً كما في "المفردات" ﴿مَا تَعْبُدُونَ﴾ أي شيء تعبدونه، وبالفارسية.
(يست آنه رستيد) سألهم وقد علم أنهم عبدة الأوثان لينبههم على ضلالهم ويريهم أن ما يعبدونه لا يستحق العبادة.
﴿قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا﴾ وهي اثنان وسبعون صنماً من ذهب وفضة وحديد ونحاس وخشب كما في "كشف الأسرار".
والصنم ما كان على صورة ابن آدم من حجر أو غيره كما في "فتح الرحمن".
قال في "المفردات" : الصنم جثة متخذة من فضة أو نحاس والوثن حجارة كانت تعبد.


الصفحة التالية
Icon