﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب على ما أراد من عقوبة الكفار ﴿الرَّحِيمُ﴾ لمن تاب أو بتأخير العذاب.
وفي "التأويلات النجمية" : كرر في كل قصة قوله :﴿إِنَّ فِي ذَالِكَ لايَةًا وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم﴾ مؤمنين دلالة على أن عز الله وعظمته اقتضت أن يكون أكرم الخلق مؤمناً به مقبولاً له كما قال تعالى :﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَـاـاكُمْ﴾ (الحجرات : ١٣) ولا ريب أن أكثر الخلق لئام وكرام قليلون كما قال الشاعر :
تعيرنا أنا قليل عدادنا
فقلت لها إن الكرام قليل
٢٩٣
ولذلك ذكر في عقبه.
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ أي : لا يهتدي إليه الأذلاء من أرباب النفوس لخستهم ولعزته.
﴿الرَّحِيمُ﴾ أي : يجتبي إليه برحمته من يشاء من أعزة أرباب القلوب لعلو مهمته وفرط رحمته.
آفين برجان درويشي
كه صاحب همت است
والإشارة بنوح إلى نوح القلب وبقومه إلى النفس وصفاتها وبالمؤمنين إلى الجسد وأعضائه فإنهما آمنا بالعمل بالأركان على وفق الشرع وإلى بعض صفات النفس وذلك بتبدلها.
وبالفلك إلى فلك الشريعة المملوء بالأوامر والنواهي والحكم والمواعظ والأسرار والحقائق والمعاني فمن ركب هذه السفينة نجا ومن لم يركب غرق بطوفان استيلاء الأخلاق الذميمة وابتلاء آفات الدنيا الدنيئة من المال والجاه والزينة والشهوات ولا بد للسفينة من الملاح وهومعلم الخير فإنه بصحبته تحصل النجاة كما قال الحافظ :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٢
يا رمردان خدا باش كه دركشتي نوح
هست خاكيكه بآبي نخرد طوفا نرا
يشير إلى أن الأمر سهل بإشارة المرشد وأن العسير عند الغافل يسير عند الواصل
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٢
﴿كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ﴾ أنث عاد باعتبار القبيلة وهو اسم أبيهم الأقصى (مقاتل : كفت عادوثمود ابن عم يكديكير بودند عاد قوم هود بودند وثمود قومصالح وميان مهلكعادومهلك ثمود انصد سالبود قومي كفتند از أهل تاريخ كه عاد وثموددو برادر بودند از فرزندان أرم بن سام ابن نوح وسام بنو نوح را نج بسر بود ارم وارفحشه وعالم واليفر واوسود وارم مهينه فرزندان بود واوراهفت سر بود عاد وثمود وصحار وطنم وجديس وجاسم ووبار مسكن عاد وفرزندان وي يمن بود ومسكن ثمود وفرزندان وي ميان حجاز وشام بود ومسكن طنم عمان وبحران ومسكن جديس زمين تهامه ومسكن صحار ما بين الطائف إلى جبال طي ومسكن جاسم ما بين الحرم إلى سفوان ومسكن بار زميني است كه آنرا وبار كويند بنام وي باز خوانند اينان همه زبان ولغت عربي داشتند) وقد انقرضوا عن آخرهم فلم يبق لهم نسل.
﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ﴾ في النسب ظرف للتكذيب.
﴿هُودٌ﴾ بن شالخ بن أرفحشد بن سام بن نوح.
قال بعضهم : كان اسم هود عابراً وسمي هوداً لوقاره وسكونه عاش مائة وخمسين سنة أرسل إلى أورد عاد حين بلغ الأربعين ﴿أَلا تَتَّقُونَ﴾ الله تعالى فتفعلون ما تفعلون : وبالفارسية (آيا رهيز نميكنيد از شرك واز عقاب إلهي خائف نمي شويد).
﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ﴾ من جهته تعالى ﴿أَمِينٌ﴾ مشهور بالأمانة فيما بينكم.
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ خافوا من عقابه ﴿وَأَطِيعُونِ﴾ فيما آمركم به من الحق.
﴿وَمَآ أَسْـاَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي : على أداء الرسالة ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ كما يسأل بعض نقلة القصص ﴿إِنْ أَجْرِىَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَـالَمِينَ﴾ لأنه هو الذي أرسلني فكان أجري عليه وهو بيان لتنزهه عن المطامع الدنية والأعراض الدنيوية.
قال الحافظ :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٤
تو بنكدي وكد إيان بشرط مزد مكن
كه دوست خودروش بنده روري داند
﴿أَتَبْنُونَ﴾ الهمزة للاستفهام الإنكاري.
والمعنى بالفارسية (آيا بنا ميكنيد).
﴿بِكُلِّ رِيعٍ﴾ (بهر موضعي بكند) والريع بكسر الراء وفتحها جمع ريعة وهو المكان المرتفع ومنه استعير
٢٩٤
ريع الأرض للزيادة والارتفاع الحاصل منها.
﴿ءَايَةً﴾ بناء عالياً متميزاً عن سائر الأبنية حال كونكم ﴿تَعْبَثُونَ﴾ ببنائه فإن بناء ما لا ضرورة فيه وما كان فوق الحاجة عبث.
رو : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خرج فرأى قبة مشرفة فقال :"ما هذه"؟ قال له أصحابه : هذه لرجل من الأنصار فمكث وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله فسلم في الناس أعرض عنه وصنع به ذلك مراراً حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه فشكا ذلك إلى أصحابه فقال : والله إني لأنكر نظر رسول الله ما أدري ما حدث فيّ وما صنعت قالوا : خرج رسول الله فرأى قبتك فقال لمن هذه فأخبرناه فرجع إلى قبته فسواها بالأرض فخرج النبي عليه السلام ذات يوم فلم ير القبة فقال :"ما فعلت القبة التي كانت ههنا؟" قالوا : شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها فقال :"إن كل بناء يبنى وبال على صاحبه يوم القيامة إلا ما لا بد منه" هذا ما عليه الإمام الراغب وصاحب "كشف الأسرار" وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon