﴿وَإِذَا بَطَشْتُم﴾ بسوط أو سيف والبطش تناول الشيء بصولة أو قهر وغلبة.
﴿بَطَشْتُم﴾ حال كونكم ﴿جَبَّارِينَ﴾ متسلطين ظالمين بلا رأفة ولا قصد تأديب ولا نظر في العاقبة فأما بالحق والعدل فالبطش جائز والجبار الذي يضرب ويقتل على الغضب.
﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ واتركوا هذه الأفعال من بناء الأبنية العالية واتخاذ الأمكنة الشريفة وإسراف المال في الحياض والرياض والبطش بغير حق.
﴿وَأَطِيعُونِ﴾ فيما أدعوكم إليه من التوحيد والعدل والإنصاف وترك الأمل ونحوها فإنه أنفع لكم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٤
﴿وَاتَّقُوا الَّذِى أَمَدَّكُم﴾ (مدد كاري كرد شمارا) والإمداد إتباع الثاني بما قبله شيئاً بعد شيء على انتظام وأكثر ما جاء الإمداد في المحبوب والمد في المكروه.
وأما قوله تعالى :﴿وَالْبَحْرُ يَمُدُّه مِنا بَعْدِه سَبْعَةُ أَبْحُرٍ﴾ (لقمان : ٢٧) فهو من مددت الدواة أمدها لا من القبيل المذكور.
﴿بِمَا تَعْلَمُونَ﴾ به من أنواع النعماء وأصناف الآلاء وأجملها أولاً ثم فصلها بقوله :
﴿أَمَدَّكُم بِأَنْعَـامٍ﴾ (مدد كرد شمارا بهار ايان ون شتر وكاو وكوسفندان تا ازايشان أخذ فوائد ميكنيد) ﴿وَبَنِينَ﴾ (سران درهمه حال يارومدد كار شما ند).
﴿وَجَنَّـاتٍ﴾ (وبستانها كه ازميوه آن منتفع ميشويد) ﴿وَعُيُونٍ﴾ (وبشمهاي روان كه مهم سقيا ونشو وونماي زرع بدان باتمام رسد).
﴿إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ﴾ إن لم تقوموا بشكر هذه النعم.
﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ في الدنيا والآخرة فإن كفران النعمة مستتبع للعذاب كما أن شكرها مستلزم لزيادتها وصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه وهو هبوب الريح الصرصر ههنا.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٦
﴿قَالُوا﴾ (كفتند عاديان در جواب هود).
﴿سَوَآءٌ عَلَيْنَآ﴾ (يكسانست برما) ﴿أَوَعَظْتَ﴾ (يا ندد هي مارا).
﴿أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ﴾ فإنا لن نرجع عما نحن عليه.
والوعظ زجر يقترن بتخويف وكلام يلين القلب بذكر الوعد والوعيد.
وقال الخليل : هو التذكير بالخبر فيما يرق له القلب والعظة والموعظة الاسم.
﴿إِنْ هَـاذَآ﴾ أي ما هذا الذي جئتنا به وبالفارسية :(نيست اين كه تو آوردي).
﴿إِلا خُلُقُ الاوَّلِينَ﴾ (مكرخوي وعادت أولين كه ميكفتند ك ما يغمبرانيم ودروغ ميكفتند) كانوا يلفقون مثل هذا الكذب ويسطرونه والتلفيق (واهم آوردن) أو ما هذا الذي نحن فيه إلا عادة الأولين من قبلنا من تشييد البناء والبطش على وجه التكبر فلا نترك هذه العادة بقولك أو عادتهم وأمرهم أنهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث ولا حساب.
﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ على ما نحن عليه من الأعمال والعادات.
﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ أي هوداً وأصروا على ذلك ﴿فَأَهْلَكْنَـاهُمْ﴾ أي : عاداً بسبب التكذيب بريح صرصر.
تلخيصه أن هوداً أنذر قومه ووعظهم فلم يتعظوا فأهلكوا.
﴿إِنَّ فِي ذَالِكَ﴾ (بدرستي كه در هلاك قوم عاد).
﴿لايَةً﴾ (نشانه ايست دلالت كند بر آنكه عاقبت أهل تكذيب بعقوبت كشد) ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم﴾ أي : أكثر قوم عاد.
﴿مُؤْمِنِينَ﴾ (ه انذدك ازان قبيله باهود بودند).
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب المنتقم ممن يعمل عمل الجبارين
٢٩٦
ولا يقبل الموعظة.
﴿الرَّحِيمُ﴾ (مهربانست كه مؤمناً نرا ازان مهلكه عقوبت بيرون آرد ونجات دهد) وهو تخويف لهذه الأمة كيلا يسلكوا مسالكهم.
قيل : خير ما أعطي الإنسان عقل يردعه فإن لم يكن فحياء يمنعه فإن لم يكن فخوف يقمعه فإن لم يكن فمال يستره فإن لم يكن فصاعقة تحرقه وتريح منه العباد والبلاد كالأرض إذا استولى عليها الشوك فلا بد من نسفها وإحراقها بتسليط النار عليها حتى تعود بيضاء.
فعلى العاقل أن يعتبر ويخاف من عقوبة الله تعالى ويترك العادات والشهوات ولا يصر على المخالفات والمنهيات.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٦
مكر كه عادت شوم از جنود إبليس است
كه سد راه عبادت شده است عادت ما
وكل ما وقع في العالم من آثار اللطف والقهر فهو علة لأولي الألباب مدة الدهر.
عاقلا نراكوش بر آواز طبل رحلتست
هرطبيدن قاصدي باشد دل آكاه را
وقد أهلك الله تعالى قوم عاد مع شدة قوتهم وشوكتهم بأضعف الأشياء وهو الريح فإنه إذا أراد يجعل الأضعف أقوى كالبعوضة ففي الريح ضعف للأولياء وقوة على الأعداء ولأن للكمل معرفة تامة بشؤون الله تعالى لم يزالوا مراقبين خائفين كما أن الجهلاء ما زالوا غافلين آمنين ولذا قامت عليهم الطامة في كل زمان قوّانا الله وإياكم بحقائق اليقين وجعلنا من أهل المراقبة في كل حين.


الصفحة التالية
Icon