﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾ أنث باعتبار القبيلة وهو اسم جدهم الأعلى وهو ثمود بن عبيد بن عوص بن عاد بن أرم بن سام بن نوح وقد ذكر غير هذا في أول المجلس السابق فارجع.
﴿الْمُرْسَلِينَ﴾ يعني : صالحاً ومن قبله من المرسلين أو إياه وحده والجمع باعتبار أن تكذيب واحد من الرسل في حكم تكذيب الجميع لاتفاقهم على التوحيد وأصول الشرائع ثم بين الوقت الممتد للتكذيب المستمر فقال :
﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ﴾ النسبي لا الديني فإن الأنبياء محفوظون قبل النبوة معصومون بعدها وفائدة كونه منهم أن تعرف أمانته ولغته فيؤدي ذلك إلى فهم ما جاء به وتصديقه.
﴿صَـالِحٌ﴾ ابن عبيد بن آسف بن كاشح بن حاذر بن ثمود.
﴿أَلا تَتَّقُونَ﴾ (أيا نمي ترسيد از عذاب خداي كه بدو شرك مي آريد).
﴿إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ فإن شهرتي فيما بينكم بالأمانة موجبة لتقوى الله وإطاعتي فيما أدعوكم إليه.
﴿وَمَآ أَسْـاَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ أي : على النصح والدعاء.
﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ فإن ذلك تهمة لأهل العفة.
﴿إِنْ أَجْرِىَ﴾ (نيست مكافات من).
﴿إِلا عَلَى رَبِّ الْعَـالَمِينَ﴾ فإنه الذي أرسلني فالأجر عليه بل هو الآجر لعباده الخلص لقوله في الحديث القدسي :"من قتله فأنا ديته" : وفي "المثنوي" :
عاشقانرا شادماني وغم أوست
دست مزد وأجرت خدمت هم أوست
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٦
﴿أَتُتْرَكُونَ﴾ الاستفهام للإنكار والتوبيخ أي أتظنون أنكم تتركون.
﴿فِى مَا هَـاهُنَآ﴾ أي : في النعيم الذي هو ثابت في هذا المكان أي الدنيا وأن لا دار للمجازاة.
﴿ءَامِنِينَ﴾ حال من فاعل تتركون : يعني (در حالتي كه أيمن زآفات وسالم ازفوات) وفسر النعيم بقوله :
﴿فِى جَنَّـاتٍ﴾ بساتين ﴿وَعُيُونٍ﴾ أنهار.
وقال بعضهم : لم يكن لقوم صالح أنهار جارية فالمراد بالعيون الآبار ويقال : كانت لهم في الشتاء آبار وفي الصيف أنهار لأنهم كانوا يخرجون
٢٩٧
في الصيف إلى القصور والكروم والأنهار ﴿وَزُرُوعٍ﴾ (كشتزارها) ﴿وَنَخْلٍ﴾ (خرمابنان) وأفرد النخل مع دخولها في أشجار الجنات لفضلها على سائر الأشجار وقد خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام.
﴿طَلْعُهَا﴾ طلع النخل ما يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو تشبيهاً بالطلوع قبل طلع النخل كما في "المفردات".
والشماريخ جمع شمراخ بالكسر وهو العثكال أي العذق وكل غصن من أغصانه شمراخ وهو الذي عليه البسر والقنو والعذق والكباسة بالكسر في الكل من التمر بمنزلة العنقود من الكرم ﴿هَضِيمٌ﴾ لطيف لين في جسمه.
وبالفارسية (خوشه آن خرما بنان وشكوفه أو نازل ونرم آي) للطف الثمر فيكون الطلع مجازاً عن الثمر.
والهضم بفتحتين الرفة والهزال ومنه هضيم الكشح والحشى أي ضامر لطيف ومنه هضم الطعام إذا لطف واستحال إلى مشاكلة البدن كما في "كشف الأسرار" أو لطيف لأن النخل أنثى ويؤيده تأنيث الضمير وطلع إناث النخل لطيف وذكوره غليظ صلب.
قال ابن الشيخ : طلع البرني ألطف من طلع اللون والبرني أجود التمر وهو معرف أصله برنيك أي الحمل الجيد واللون الدقل وهو أردىء التمر وأهل المدينة يسمون ما عدا البرني والعجوة ألواناً ويوصف بهضيم ما دام في كفراه لدخول بعضه في بعض ولصوقه فإذا خرج منها فليس بهضيم والكفري بضم الكاف والفاء وتشديد الراء كم النخل لأنه يستر في جوفه.
وقال الإمام الراغب : الهضم شدخ ما فيه رخاوة ونخل طلعها هضيم أي داخل بعضه في بعض كأنما شدخ انتهى أو هضيم متدل متكسر من كثرة الحمل فالهضم بمعنى الكسر والتدلي التسفل والنزول من موضعه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٦
قال في "المختار" : الهاضوم الذي يقال له : الجوارش لأنه يهضم الطعام أي يكسره وطعام سريع الانهضام وبطيء الانهضام.
﴿وَتَنْحِتُونَ﴾ (ومي تراشيد براي مساكن خود) ﴿مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا﴾ (كفته اندكه دروادي حجر دوهزاربازهزار وهفصد سراي تراشيدند از سنك سخت درميان كوهها رب العالمين إيشانرا دران كارباستادي وتيزكاري وصف كرد وكفت) ﴿فَـارِهِينَ﴾ (در حالتي كه ما هريد در تراشيدن سنسكها) كما قال الراغب : أي حاذقين من الفراهة وهي النشاط فإن الحاذق يعمل بنشاط وطيب قلب ومن قرأ فرهين جعله بمعنى مرحين أشرين بطرين فهو على الأول من فره بالضم وعلى الثاني من فره بالكسر.
واعلم أن ظاهر هذه الآيات يدل على أن الغالب على قوم هود هو اللذات الخيالية وهو طلب الاستعلاء والبقاء والتفرد والتجبر.
والغالب على قوم صالح هو اللذات الحسية وهي طلب المأكول والمشروب والمساكن الطيبة وكل هذه اللذات من لذات أهل الدنيا الغافلين وفوقها لذات أهل العقبى المتيقظين وهي اللذات القلبية من المعارف والعلوم وما يوصل إليها من التواضع والوقار والتجرد والاصطبار.


الصفحة التالية
Icon