﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ﴾ كان مقتضى الظاهر ولا تطيعوا المسرفين بلا إقحام أمر فإن الطاعة إنما تكون للأمر على صيغة الفاعل كما أن الامتثال إنما يكون للأمر على صيغة المصدر فشبه الامتثال بالطاعة من حيث أن كل واحد منهما يفضي إلى الوجود والمأمور به فأطلق اسم المشبه به وهو الطاعة وأريد الامتثال أي لا تمتثلوا أمرهم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٦
﴿الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى الأرْضِ﴾ أي :
٢٩٨
في أرض الحجر بالكفر والظلم وهو وصف موضح لإسرافهم ﴿وَلا يُصْلِحُونَ﴾ بالإيمان والعدل عطف على يفسدون لبيان خلو إفسادهم عن مخالطة الإصلاح (مرادتني ندندكه قصد هلاك صالح كردند وقصه إيشان درسوره نمل مذكور خواهد شد).
﴿قَالُوا﴾ (كفتند ثمود در جواب صالح) ﴿إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ أي : من المسحورين مرة بعد أخرى حتى اختل عقله واضطرب رأيه فبناء التفعيل لتكثير الفعل.
﴿مَآ أَنتَ إِلا بَشَرٌ مِّثْلُنَا﴾ تأكل وتشرب ولست بملك.
قال الكاشفي :(بصورت بشريت صالح عليه السلام از حقيقت حال وي محجوب شديد وندانستندكه إنسان وراي صورت يزي ديكرست).
ند صورت بيي أي صورت رست
جان بي معنيست كز صورت ترست
در كذر از صورت ومعنى نكر
زانكه مقصود از صدف باشد كهر
(وون قوم ثمود وابسته صورت بودند وصالح را بصورت خود ديدند بهانه جويان كفتند تومثل ما بشري دعوى رسالت راميكني وونكه ترك نميكيري ودرين دعوى مصري) ﴿فَأْتِ بِـاَايَةٍ﴾ (س بيار نشانه از خوارق عادات).
﴿إِن كُنتَ مِنَ الصَّـادِقِينَ﴾ في دعواك (صالح ؛ فرمودكه شماه مي طلبيد يشان اقتراح كردندكه ازين سنك معين ناقه بدين هيأت بيرون آر وون بدعاي صالح مدعاي إيشان حاصل شد) كما سبق تفصيله في سورة الأعراف وسورة هود.
﴿قَالَ هَـاذِه نَاقَةٌ﴾ (اين ناقه إيست كه شما طلبيد بيه).
﴿لَّهَا شِرْبٌ﴾ أي : نصيب من الماء كالسقي للحط من السقي ﴿وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾.
يعني (يكروز رب ازان أوست ودوروز أزان شماست) فاقتصروا على شربكم ولا تزاحموها على شربها.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٨
وفيه دليل على جواز قسمة المنافع بالمهايأة لأن قوله : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم من المهايأة وهي لغة مفاعلة من الهيئة وهي الحالة الظاهرة للمتهيىء للشيء.
والتهايؤ تفاعل منها وهي أن يتواضعوا على أمر فيتراضوا به وحقيقته أن كلاً منهم رضي بهيئة واحدة واختارها وشرعاً قسمة المنافع على التعاقب والتناوب فلو قسم الشريكان منفعة دار مشتركة ووقعت المواضعة بينهما على أن يسكن أحدهما في بعضها والآخر في بعضها هذا في علوها وهذا في سفلها أو على أن يسكن فيها هذا يوماً أو شهراً ويسكن هذا يوماً أو شهراً وتهايأا توافقا في دارين على أن يسكن هذا في هذه وهذا في هذه أو في خدمة عبد واحد على أن يخدم هذا يوماً ويخدم هذا يوماً أو خدمة عبدين على أن يخدم هذا هذا وهذا هذا صح التهايؤ في الصور المذكورة بالإجماع استحساناً للحاجة إليه إذ يتعذر الاجتماع على الانتفاع فأشبه القسمة والقياس أن لا يصح لأنها مبادلة المنفعة بجنسها ولكن ترك بالكتاب وهو الآية المذكورة والسنة وهو ما روي أنه عليه السلام قسم بغزوة بدر كل بعير بين ثلاثة نفر وكانوا يتناوبون وعلى جوازها إجماع الأمة.
قال في "فتح الرحمن" : واختلفوا في حكم المهايأة فقال أبو حنيفة رحمه الله : يجبر عليها الممتنع إذا لم يكن الطالب متعنتاً وقال الثلاثة هي جائزة بالتراضي ولا إجبار فيها.
﴿وَلا تَمَسُّوهَا بِسُواءٍ﴾ (ومس يكند ويرا بيدي يعني قصد زدن وكشتن وي ميكنيدكه اكرنان كنيد) ﴿فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ عظم اليوم بالنسبة إلى عظم ما حل فيه وهو ههنا صيحة
٢٩٩
جبريل.
﴿فَعَقَرُوهَا﴾ عقرت البعير نحرته وأصل العقر ضرب الساق بالسيف كما في "كشف الأسرار" (س ي كردند ناقه راوبكشتند) أي يوم الأربعاء فماتت وأسند العقر إلى كلهم لأن عاقرها إنما عقر برضاهم ولذلك أخذوا جميعاً.
روي أن مسطعاً ألجأها إلى مضيق في شعب فرماها بسهم فسقطت ثم ضربها قدار في عرقوبها.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : رأيت مبركها فإذا هو ستون ذراعاً في ستين ذراعاً فقتلوا مثل هذه الآية العظيمة.
﴿فَأَصْبَحُوا﴾ صاروا ﴿نَـادِمِينَ﴾ على عقرها خوفاً من حلول العذاب لا توبة أو عند معاينتهم العذاب ولذلك لم ينفعهم الندم وإن كان بطريق التوبة كفرعون حين ألجمه الغرق والندم والندامة التحسر من تغير رأي في أمر فائت.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٢٩٨


الصفحة التالية
Icon