قال بعضهم : الاصطلاء بالنار يقسي القلب ولم يرو أنه عليه السلام اصطلى بالنار.
﴿فَلَمَّا جَآءَهَا﴾ (س آن هنكام كه آمد موسى نزديك آن آتش نوراني ديد بي إحراق از درختي بسزد كويند آتشي بود محرق ون سائر آتشها) وكانت الشجرة سمرة ﴿نُودِىَ﴾ جاءه النداء وهو الكلام المسموع من جانب الطور.
قال في "عرائس البيان" : كان موسى عليه السلام في بداية حاله في مقام العشق والمحبة وكان أكثر أحوال مكاشفته في مقام الالتباس فلما كان بدو كشفه جعل تعالى الشجرة والنار مرآة فعلية فتجلى بجلاله وجماله من ذاته لموسى وأوقعه في رسوم الإنسانية حتى لا يفزع ويدنو من النار والشجرة ثم ناداه فيها بعد أن كاشف له مشاهدة جلاله ولولا ذلك لفني موسى في أول سطوات عظمته وعزته ﴿أَنْ﴾ مفسرة لما في النداء من معنى القول، أي :﴿بُورِكَ﴾ أو بأن بورك على أنها مصدرية حذف منها الجار جرياً على القاعدة المستمرة وبورك مجهول بارك وهوخبر لادعاء أي جعل مباركاً وهو ما فيه الخير والبركة والقائم مقام الفاعل قوله :﴿مَن فِى النَّارِ﴾ أي من في مكان النار وهو البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى :﴿نُودِىَ مِن شَـاطِىاِ الْوَادِ الايْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَـارَكَةِ﴾ (القصص : ٣٠) ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ أي ومن حول مكانها والظاهر أن المبارك فيه عام في كل من في تلك البقعة وحواليها من أرض الشام الموسومة بالبركات لكونها مبعث الأنبياء وكفاتهم أحياء وأمواتاً وخصوصاً تلك البقعة التي كلم الله فيها موسى وفي ابتداء خطاب الله موسى بذلك عند مجيئه بشارة بأنه قد قضى له أمر عظيم ديني تنتشر بركاته في أقطار الأرض المقدسة وهو تكليمه تعالى إياه واستنباؤه له وإظهار المعجزات على يده وكل موضع يظهر فيه مشاهدة الحق ومكالمته يكون ذا بركه ألا ترى إلى قوله القائل :
٣٢١
إذا نزلت سلمى بواد فماؤه
زلال وسلسال وجثجاثه ورد
ولم يزل يخضر مواطىء أقدام رجال الله في الصحاري والجبال من بركات حالاتهم مع الله الملك المتعال.
ثم إن بعض المفسرين حمل بورك على التحية كما قال الكاشفي :)بركت داده باد (وبعضهم حمل من في النار على الملائكة وذلك أن النور الذي بان قد بارك فيه وفي الملائكة الذين كانوا في ذلك النور.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٠
وقال بعض العارفين : إن الله أراد بمن في النار ذاته المقدسة وهو الذي أفاض بركة مشاهدته على موسى وله تعالى أن يتجلى بوصف النار والنور والشجرة والطور وغيرها مما يليق بحال العاشق مع تنزه ذاته وصفاته عن الجهة في الحقيقة وفي الحديث :"إن الله يرى هيئة ذاته كيف يشاء" ﴿وَسُبْحَـانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ﴾ من تمام ما نودي به لئلا يتوهم من سماع كلامه تشبيهاً وللتعجيب من عظمة ذلك الأمر.
وبالفارسية (اكست خداي تعالى رورد كار عالميان زتشبيه آورده اندكه ون موسى اين نداشنيد كفت ندا كننده كيست بازندا آمدكه).
يا مُوسَى إِنَّهُ} أي : الشأن ﴿أَنَا اللَّهُ﴾ جملة مفسرة للشأن ﴿الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي : القوي القادر على ما يبعد من الأوهام الفاعل كل ما يفعله بحكمة وتدبير تام.
قال في "الأسئلة المقحمة" : قوله :"إنه أنا الله" سمعه من الشجرة فدل ذلك على حدوثه لأن المسموع من الجهات علامة الحدوث والجواب نحن ننزه كلام الله تعالى عن الجهة والمكان كما نحن ننزه ذاته عن الجهة والمكان فكذلك ننزه كلامه عن الأصوات والحروف وإنما كان سماع كلام الله لموسى حصل من جا نب الشجرة فالشجرة ترجع إلى سماع موسى لا إلى الله تعالى.
فإن قلت : كيف سمع موسى كلام الله من غير صوت وحرف وجهة؟.
قلت : إن كان هذا سؤالاً عن كيفية الكلام فهذا لا يجوز فإن سؤال الكيفية محال في ذات الله وصفاته إذ لا يقال : كيف ذاته من غير جسم وجوهر وعرض وكيف علمه من غير كسب وضرورة وكيف قدرته من غير صلابة وكيف إرادته من غير شهوة وأمنية وكيف تكلمه من غير صوت وحرف وإن كان سؤال الكيفية عن سماع موسى قلنا : خلق الله لموسى علماً ضرورياً علم به أن الذي سمعه هو كلام الله القديم الأزلي من غير حرف ولا صوت ولا جهة وقد سمعه من الجوانب الستة فصار جميع جوارحه كسمعه أي صار الوجود كله سمعاً ثم يصير في الآخرة كذلك والكامل الواصل له حكم الآخرة في الدنيا.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٠
﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ﴾ عطف على بورك أي نودي أن بورك من في النار وأن ألق عصاك.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن من سمع نداء الحق وشاهد أنوار جماله يلقى من يد همته كل ما كان متوكأه غير الله فلا يتوكأ إلا على فضل الله وكرمه.
تكيه برغير خدا كفريست از كفر طريق
جز بفضل حق مكن تكيه درين ره اي رفيق