وكان له عليه السلام ديك أبيض وفي الحديث :"الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي وعدو عدوي" كما "الوسيط" وهو يصيح عند رؤية الملك كما أن الحمار ينهق عند رؤية الشيطان.
والنسر يقول : يا ابن آدم عش ما شئت آخرك الموت وفي هذا مناسبة لما خص النسر به من طول العمر يقال أنه يعمر ألف سنة وهو أشد الطير طيراناً وأقواها جناحاً حتى أنه يطير ما بين المشرق والمغرب في يوم واحد وليس في سباع الطير أكبر جثة منه وهو عريف الطير كما في "حياة الحيوان".
والعقاب يقول : في البعد عن الناس أنس.
والضفدع يقول : سبحان ربي القدوس أو سبحان المعبود في لجج البحار.
وحكي : أن نبي الله داود عليه السلام ظن في نفسه أن أحداً لم يمدح خالقه بأفضل مما مدحه فأنزل الله عليه ملكاً وهو قاعد في محرابه والبركة إلى جنبه فقال : يا داود افهم ما تصوت به الضفادع فأنصت إليها فإذا هي تقول : سبحانك وبحمدك منتهى علمك فقال له الملك : كيف ترى؟ قال : والذي جعلني نبياً إني لم أمدحه بهذا.
وعن أنس رضي الله عنه : لا تقتلوا الضفادع فإنها مرت بنار إبراهيم عليه السلام فحملت في أفواهها الماء وكانت ترشه على النار.
ونهى النبي عليه السلام عن قتل خمسة "النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد".
ويقول الورشان : لدوا للموت وابنوا للخراب وهذه لام العاقبة قيل : الورشان طائر يتولد بين الفاختة والحمامة ويوصف بالحنو على أولاده حتى أنه ربما قتل نفسه إذا وجدها في يد القابض.
ويقول الدراج : الرحمن على العرش استوى.
ويقول القنبر : اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد.
ويقول الحمار : اللهم العن العشار وأسند هذا إلى الغراب في بعض الروايات.
ويقول الفرس إذا التقى الصفان : سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
ويقول الزرزور : اللهم إني أسألك قوت يوم بيوم يا رزاق وهو بضم الزاي طائر صغير من نوع العصفور سمي بذلك لزرزرته أي لصوته.
وقال مولانا قدس سره في بعض كلماته :
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٤
شيخه مرغانست لك لك لك لكش داني كه يست
الحمد لك والأمر لك والملك لك يا مستعان
قال سليمان عليه السلام : ليس من الطيور أنصح لبني آدم وأشفق عليهم من البومة تقول إذا وقعت عند حربة : أين الذين كانوا يتنعمون في الدنيا ويسعون فيها ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد تزودوا يا غافلون وتأهبوا لسفركم.
قال الحافظ :
دع التكاسل تغنم فقد جرى مثل
كه زاد راهروان ستيست والاكي
قال مقاتل : كان سليمان عليه السلام جالساً إذ مر به طير يصوت فقال لجلسائه : هل تدرون ما يقول هذا الطائر الذي مر بنا؟ قالوا : أنت أعلم قال سليمان : إنه قال لي السلام عليك أيها الملك المسلط على بني إسرائيل أعطاك الله الكرامة وأظهرك على عدوك إني منطلق إلى فروخي ثم أمرّ بك الثانية وإنه سيرجع إلينا الثانية فانظروا إلى رجوعه قال : فنظر القوم إذ مرّ بهم فقال : السلام عليك أيها الملك إن شئت ايذن لي كما اكتسب على فروخي حتى أشبعها ثم آتيك فتفعل بي ما شئت فأخبرهم سليمان بما قال فأذن له.
وفي "عرائس البيان" : اعلم أن أصوات الطيور والوحوش وحركات الأكوان جميعاً هي خطاب من الله للأنبياء والمرسلين والأولياء
٣٣٠
العارفين يفهمونها من حيث أحوالهم ومقاماتهم فالأنبياء والمرسلون يعرفون لغاتها ومعانيها بعينها وأما الأولياء فإنما يعرفونها بغير لغاتها يعني يفهمون من أصواتها ما يتعلق بحالهم بما يقع في قلوبهم من إلهام الله تعالى لا بأنهم يعرفون لغاتها بعينها.
والإشارة أن طيور الأرواح الناطقة في الأشباح تنطق بالحق من الحق ونطقها تلفظ الرموز والأسرار بلغة الأنوار ولا يسمعها إلا ذو فراسة صادقة قلبه وعقله شاهدان وألطف الإشارة علمنا منطق أطيار الصفات التي تعبر عن علوم الذات ومنطق أطيار أفعاله التي تخبر عن بطون حكم الأزليات.
قال أبو عثمان المغربي قدس سره : من صدق مع الله في جميع أحواله فهم عنه كل شيء أو فهم هو عن كل شيء وكما أن صوت الطبل مثلاً دليل يعرفون بسماعه وقت الرحيل والنزول فالحق سبحانه يخص أهل الحضور بفنون التعريفات من سماع الأصوات وشهود أحوال المرئيات مع اختلافها كما قيل :
إذا المرء كان له فكرة
ففي كل شيء له عبرة
﴿وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىْءٍ﴾ أراد كثرة ما أوتي به كما يقال : فلان يقصده كل أحد ويعلم كل شيء ويراد به كثرة قصاده وغزارة علمه.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٤
وقال الكاشفي :(وداده شديم يعني مارا عطا كردند هر يزي كه بدان محتاج بوديم).
وفي "كشف الأسرار" : يعني الملك والنبوة والكتاب والرياح وتسخير الجن والشياطين ومنطق الطير والدواب ومحاريب وتماثيل وجفان كالجواب وعين القطر وعين الصفر وأنواع الخير ﴿إِنْ هَـاذَآ﴾ المذكور من التعليم والإيتاء ﴿لَهُوَ الْفَضْلُ﴾ والإحسان من الله تعالى ﴿الْمُبِينُ﴾ الواضح الذي لا يخفى على أحد.