﴿أَلا يَسْجُدُوا﴾ مفعول له للصد على حذف اللام منه أي فسدهم لئلا يسجدوا وهو ذم لهم على ترك السجود فلذا وجب السجود عند تمام هذه الآيات.
﴿الَّذِى يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ الخبأ يقال للمدخر المستور أي يظهر ما هو مخبوء ومخفي فيها كائناً ماكان كالثلج والمطر والنبات والماء ونحوها.
﴿وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ﴾ في القلوب ﴿وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ بالألسنة والجوارح وذكر ما تعلنون لتوسيع دائرة العلم للتنبيه على تساويهما بالنسبة إلى العالم الإلهي.
برو علم يك ذره وشيده نيست
كه نهان ويدا بنزدش يكيست
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٣٩
﴿اللَّهِ﴾ مبتدأ ﴿لا إله إِلا هُوَ﴾ الجملة خبره ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ خبر بعد خبر وسمي العرش عظيماً لأنه أعظم ما خلق الله من الإجرام فعظم عرش بلقيس بالنسبة إلى عروش أمثالها من الملوك وعظم عرش الله بالنسبة إلى السماء والأرض فبين العظمين تفاوت عظيم (ه نسبت است سهارا بآفتاب درخشان).
قال في "المفردات" : عرش الله تعالى مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم على الحقيقة.
واعلم أن ما حكى الله عن الهدهد من قوله :﴿الَّذِى يُخْرِجُ الْخَبْءَ﴾ إلى ههنا ليس داخلاً تحت قوله :﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ وإنما هو من العلوم والمعارف التي اقتبسها من سليمان أورده بياناً لما هو عليه وإظهاراً لتصلبه في الدين وكل ذلك لتوجيه قلبه عليه السلام نحو قبول كلامه وصرف عنان عزيمته إلى غزوها وسخير ولايتها، وفي الحديث :"أنهاكم عن قتل الهدهد فإنه كان دليل سليمان على قرب الماء وبعده وأحب أن يعبد الله في الأرض حيث يقول : وجئتك من سبأ بنبأ يقين إني وجدت امرأة تملكهم" الآيات قيل : إن أبا قلابة الحافظ الإمام العالم عبد الملك بن محمد الرقاش رأت أمه وهي حامل به كأنها ولدت هدهداً فقيل لها : إن صدقت رؤياك تلدين ولداً كثير الصلاة فولدت فلما كبر كان يصلي كل يوم أربعمائة ركعة وحدث من حفظه بستين ألف حديث مات سنة ست وسبعين ومائتين وهذا أي قوله :﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ محل سجود بالاتفاق كما في "فتح الرحمن".
وقال الكاشفي :(اين سجده هشتم است بقول أمام أعظم رحمه الله ونهم بقول إمام شافعي رحمه الله ودر فتوحات اين سجده را سجده خفى يميكويد وموضع سجود مختلف فيه است بعضي از قرائت وما تعلنون سجده ميكنند وبعضي س از تلاوت رب العرش العظيم.
سرت بسجده در آرا رهو اي حق داري
كه سجده شد سبب قرب حضرت باري
﴿قَالَ﴾ استئناف بياني كأنه قيل : فما فعل سليمان بعد فراغ الهدهد من كلامه؟ فقيل : قال :﴿سَنَنظُرُ﴾ فيما أخبرتنا من النظر بمعنى التأمل والسين للتأكيد أي لنعرف بالتجربة البتة.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٠
وقال الكاشفي :(زود باشدكه درنكريم وتأمل كنيم درين كه) ﴿أَصَدَقْتَ﴾ فيما قلت ﴿أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَـاذِبِينَ﴾ وفي هذا دلالة على أن خبر الواحد وهو الحديث الذي يرويه الواحد والاثنان فصاعداً ما لم يبلغ حد الشهرة والتواتر لا يوجب العلم فيجب التوقف فيه
٣٤٠
على حد التجويز.
وفيه دليل على أن لا يطرح بل يجب أن يتعرف هل هو صدق أو كذب فإن ظهرت أمارات صدقه قبل وإلا لم يقبل.
قال بعضهم : سليمان عليه السلام (ملك ومال وجمال بلقيس بشنيد ودروي اثرنكرد وطمع در آن نيست بازون حديث دين كردكه ﴿وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ (النمل : ٢٤) متغير كشت وازمهر دين إسلام درخشم شد كفت كاغد ودوات بياريد تانامه نويسم واورا بدين إسلام دعوت كنم).
فكتب أي في المجلس أو بعده كتاباً إلى بلقيس فقال فيه :"من عبد الله سليمان بن داود إلى ملكة سبأ بلقيس بسم الله الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى أما بعد فلا تعلوا عليّ وائتوني مسلمين" ثم طبعه بالمسك وختمه بخاتمه المنقوش على فصه اسم الله الأعظم ودفعه إلى الهدهد فأخذه بمنقاره أو علقه بخيط وجعل الخيط في عنقه وقال :
﴿اذْهَب بِّكِتَـابِى هَـاذَا﴾ (ببراين نوشته مرا) فتكون الباء للتعدية وتخصيصه بالرسالة دون سائر ما تحت ملكه من أبناء الجن الأقوياء على التصرف والتعرف لما عاين فيه من علامات العلم والحكمة وصحة الفراسة ولئلا يبقى لها عذر.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أنه لما صدق فيما أخبر وبذل النصح لملكه وراعى جانب الحق عوض عليه حتى أهل لرسالة رسول الحق على ضعف صورته ومعناه.
﴿فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ﴾ أي : اطرحه على بلقيس وقومها لأنه ذكرهم معها في قوله : وجدتها وقومها.


الصفحة التالية
Icon