قال في "كشف الأسرار" : فقد تحصل الكرامة باختيار الولي ودعائه وقد تكون بغير اختياره وفي الحديث :"كم من أشعث أغبر ذي طمرين لايؤبه له لو أقسم على الله لأبره" (در آثار بيارندكه مصطفى عليه السلام از دنيا بيرون شد زمين بالله ناليدكه "بقيت لا يمشي على نبي إلى يوم القيامة" الله كفت جل جلاله من ازين امت محمد مر داني بديد آرم كه دلهاي إيشان بدلهاي يغمبران يكي باشد وإيشان نيستند مكر أصحاب كرامات)
٣٥١
وكرامات الأولياء ملحقة بمعجزات الأنبياء إذ لو لم يكن النبي صادقاً في معجزته ونبوته لم تكن الكرامة تظهر على من يصدقه ويكون من جملة أمته ولم ينكر كرامات الأولياء إلا أهل الحرمان سواء أنكروها مطلقاً أو أنكروا كرامات أولياء زمانهم وصدقوا بكرامات الأولياء الذين ليسوا في زمانهم كمعروف وسهل وجنيد وأشباههم كمن صدق بموسى وكذب بمحمد عليهما السلام وما هي إلا خصلة إسرائيلية نسأل الله التوفيق وحسن الخاتمة في عافية لنا وللمسلمين أجمعين ونبتهل إليه في أنه يحشرنا مع أهل الكرامات آمين.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٦
﴿قَالَ﴾ سليمان كرر الحكاية تنبيهاً على ما بين السابق واللاحق من المخالفة لما أن الأول من باب الشكر والثاني أمر لخدمه.
﴿نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا﴾ تنكير الشيء جعله بحيث لا يعرف كما أن تعريفه جعله بحيث يعرف كما قال في "تاج المصادر" : التنكير ناشأً ساكردن والمعنى غيروا هيئته وشكله بوجه من الوجوه بحيث ينكر فجعل الشياطين أسفله أعلاه وبنوا فوقه قباباً أخرى هي أعجب من تلك القباب وجعلوا موضع الجوهر الأحمر الأخضر وبالعكس ﴿نَنظُرْ﴾ بالجزم على أنه جواب الأمر (تابنكريم) ما له بعد از سؤال ازو ﴿أَتَهْتَدِى﴾ إلى معرفته فتظهر رجاحة عقلها.
﴿أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ﴾ فتظهر سخافة عقلها وذلك أن الشياطين خافوا أن تفشي بلقيس أسرارهم إلى سليمان لأن أمها كانت جنية وإن يتزوجها سليمان ويكون بينهما ولد جامع للجن والإنس فيرث الملك ويخرجون من ملك سليمان إلى ملك هو أشد وأفظع ولا ينفكون من التسخير ويبقون في التعب والعمل أبداً فأرادوا أن يبغضوها إلى سليمان فقالوا : إن في عقلها خللاً وقصوراً، وإنها شعراء الساقين وإن رجليها كحافر الحمار فأراد سليمان أن يختبرها في عقلها فأمر بتنكير العرش واتخذ الصرح كما يأتي ليتعرف ساقيها ورجليها.
﴿فَلَمَّا جَآءَتْ﴾ بلقيس سليمان والعرش بين يديه.
﴿قِيلَ﴾ من جهة سليمان بالذات وبالواسطة امتحاناً لعقلها.
﴿أَهَـاكَذَا عَرْشُكِ﴾ (أيا ايننين است تخت تو) لم يقل هذا عرشك لئلا يكون تلقيناً لها فيفوت ما هو المقصود من الأمر بالتنكير وهو اختبار عقلها.
﴿قَالَتْ﴾ يعني : لم تقل : لا ولا قالت : نعم بل شبهوا عليها فشبهت عليهم مع علمها بحقيقة الحال.
﴿كَأَنَّه هُوَ﴾ (كوياكه اين آنست) فلوّحت لما اعتراه بالتنكير من نوع مغايرة في الصفات مع اتحاد الذات فاستدل بذلك على كمال عقلها وكأنها ظنت أن سليمان أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار معجزة لها فقالت :﴿وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا﴾ من قبل الآيات الدالة على ذلك.
﴿وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾ من ذلك الوقت.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٢
﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ بيان من جهته تعالى لما كان يمنعها من إظهار ما ادعته من الإسلام إلى الآن أي صدها ومنعها عن ذلك عبادتها القديمة للشمس متجاوزة عبادة الله تعالى.
﴿إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَـافِرِينَ﴾ تعليل لسببية عبادتها المذكور للصد أي أنها كانت من قوم راسخين في الكفر ولذلك لم تكن قادرة على إسلامها وهي بين ظهرانيهم إلى أن دخلت تحت ملك سليمان أي فصارت من قوم مؤمنين.
وفي "المثنوي" :
ون سلميان سوى مرغان سبا
يك صفيري كردبست آن جمله را
جز مكر مرغى كه بد بيجان وير
يا ون ما هي كنك بد از اصل وكر
٣٥٢
وفي الآية دلالة على أن اشتغال المرء بالشيء يصده عن فعل ضده وكانت بلقيس تعبد الشمس فكانت عبادتها إياها تصرفها عن عبادة الله فلا ينبغي الإغراق في شيء إلا أن يكون عبادة الله تعالى ومحبته فإن الرجل إذا غلب حب ما سوى الله على قلبه ولم يكن له رادع من عقل أو دين أصمه حبه وأعماه كما قال عليه السلام :"حبك الشيء يعمي ويصم".
روي : أن سليمان أمر قبل قدومها فبني له على طريقها قصر صحنه من زجاج أبيض وأجري من تحته الماء وألقى فيه السمك ونحوه من دواب البحر (نانكه صحن أن خانه همه آب مينمود) ووضع سريره في وسطه فجلس عليه وعكف عليه الطير والجن والإنس (ون بلقيس بدر كوشك رسيد).
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٥٢